الاستدانة وحكمها
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن الله تعالى أحل لنا الحلال وبينه، وحرم علينا الحرام وبينه، قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام:١١٩]، ومن جملة ما بينه ما يتعلق بالمبايعات، فالأصل فيها الإباحة إلا ما دل عليه الدليل، قال الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:٢٧٥]، فجنس البيع حلال إلا ما دل الدليل على أنه محرم.
ومن جملة المبايعات: البيع إلى أجل، وقد ذكره الله تعالى في قوله: ﴿إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة:٢٨٢]، يدخل في هذا كون الثمن دينًا، وكون المثمن دينًا، وهو ما يعبر عنه بالسلم، وكلها لها أحكام لا بد من معرفتها؛ وذلك لأن الإنسان قد يحتاج إلى سلعة ولا يكون معه ثمن، فيشتريها بدين في ذمته، ويحدد له أجلًا مسمى، فيحل ذلك بشروطه، فمن هنا نحن بحاجة إلى أن نتكلم حول ما يباح من الدين: أولًا: كون الثمن دينًا.
ثانيًا: كون المثمن دينًا.
ثالثًا: وسائل الدين.
رابعًا: حكم الزيادة في الثمن إذا كان دينًا أو في المثمن.
خامسًا: شراء السلع التي لا تقصد، إنما يقصد بيعها والانتفاع بثمنها.
فأولًا وقبل كل شيء: قد حذر كثير من العلماء عن أخذ الدين إذا لم يكن للمرء نية في وفائه، واستدلوا على ذلك بقول النبي ﷺ: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) أي: من استدانهم دينًا وهو لا يقصد إلا أن يماطلهم وأن يؤخر الوفاء، فإن الله تعالى يتلف ماله، ويبقى كذلك الدين متعلقًا في ذمته، حيث أنه لم يقصد بهذه الاستدانة إلا إمطال أصحاب الأموال، وإتلاف أموالهم، وأخذها بغير حق.
ثانيًا: نقول: إن الإنسان عليه أن يتعفف عن الدين، ولا يستدين إلا لضرورة، وقد حفظ أن النبي ﷺ كان يستعيذ في آخر الصلاة من الدين.
5 / 2