الدرر في اختصار المغازي والسير
محقق
الدكتور شوقي ضيف
الناشر
دار المعارف
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٣ هـ
مكان النشر
القاهرة
النسيء فِي الْجَاهِلِيَّة. وروى معمر، عَن [ابْن] أبي نجيح، عَن مُجَاهِد فِي قَوْله [تَعَالَى]: ﴿إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر﴾ قَالَ: كَانُوا يحجون [فِي كل] ١ شهر عَاميْنِ، حجُّوا فِي ذِي الْحجَّة عَاميْنِ، ثمَّ حجُّوا فِي الْمحرم عَاميْنِ، ثمَّ حجُّوا فِي صفر عَاميْنِ، حَتَّى وافت حجَّة أبي بكر [فِي٢ الآخر من العامين] فِي ذِي الْقعدَة قبل حجَّة النَّبِي ﷺ ثمَّ حج النَّبِي ﷺ من قَابل [فِي] ذِي الْحجَّة، فَذَلِك قَوْله ﷺ حَيْثُ يَقُول: "إِنَّ الزَّمَنَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ".
قَالَ معمر، قَالَ الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بْن الْمسيب: لما قفل رَسُول اللَّه ﷺ من حنين اعْتَمر من الْجِعِرَّانَة وَأَمَّرَ أَبَا بكر على تِلْكَ الْحجَّة.
وَذكر ابْن جريج عَن مُجَاهِد، قَالَ: لما انْصَرف رَسُول اللَّه ﷺ من تَبُوك أَرَادَ الْحَج ثمَّ قَالَ: "إِنَّهُ يَحْضُرُ الْبَيْتَ عُرَاةٌ مُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَلا أُحِبُّ أَنْ أَحُجَّ حَتَّى لَا يَكُونَ ذَلِكَ". فَأَرْسَلَ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ أَرْدَفَهُ عَلِيًّا.
قَالَ أَبُو عمر:
بعث عليا ينْبذ إِلَى كل ذِي عهد عَهده، ويعهد إِلَيْهِم أَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان مَعَ سَائِر مَا أمره أَن يُنَادي بِهِ فِي كل موطن من مَوَاطِن الْحَج. فَأَقَامَ الْحَج ذَلِك الْعَام سنة تسع أَبُو بكر. ثمَّ حج رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من قَابل حجَّته الَّتِي لم يحجّ من الْمَدِينَة غَيرهَا. فَوَقَعت حجَّة رَسُول اللَّه ﷺ فِي الْعَام الْمقبل فِي ذِي الْحجَّة، فَقَالَ: "إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ ... " الحَدِيث وَثَبت الْحَج فِي ذِي الْحجَّة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّحْر فِي حجَّة أبي بكر قَامَ عَليّ فَأذن فِي النَّاس بِالَّذِي أمره بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "أَيهَا النَّاس إِنَّه لَا يدْخل الْجنَّة كَافِر". رُوِيَ فِي حَدِيثه هَذَا: لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مُؤمنَة وَلَا يحجّ بعد هَذَا الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَمن كَانَ لَهُ عِنْد رَسُول الله
١ زِيَادَة من ر. والعبارة فِي الأَصْل: كَانُوا يحجون فِي شهر ذِي الْقعدَة عَاميْنِ.
٢ هَكَذَا فِي ر. وَفِي الأَصْل: الْأَخِيرَة.
1 / 251