الدرر في اختصار المغازي والسير

ابن عبد البر ت. 463 هجري
208

الدرر في اختصار المغازي والسير

محقق

الدكتور شوقي ضيف

الناشر

دار المعارف

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٣ هـ

مكان النشر

القاهرة

وَرْقَاء وَحَكِيم بْن حزَام يتجسسون الْأَخْبَار. وَقد كَانَ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمطلب هَاجر مُسلما [فِي] تِلْكَ الْأَيَّام، فلقي رسولَ اللَّه ﷺ بِذِي الحليفة١، فَبعث ثقله٢ إِلَى الْمَدِينَة، وَانْصَرف مَعَ رَسُول اللَّه ﷺ غازيا، فالعباس من الْمُهَاجِرين قبل الْفَتْح وَقيل: بل لقِيه بِالْجُحْفَةِ٣ مُهَاجرا. وَذكر أَيْضا أَن أَبَا سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمطلب وَعبد الله بن أبي أُميَّة بني الْمُغيرَة أَخا أم سَلمَة خرجا أَيْضا مُهَاجِرين، ولقيا رَسُول اللَّه ﷺ فِي بعض الطَّرِيق قرب مَكَّة، فَأَعْرض عَنْهُمَا. فَلَمَّا نزل استأذنا عَلَيْهِ، فَلم يَأْذَن لَهما، فكلمته أم سَلمَة فيهمَا وَقَالَت: لَا يكون ابْن عمك وَأخي٤ أَشْقَى النَّاس بك، فقد جَاءَا مُسلمين، فَأذن لَهما رَسُول اللَّه ﷺ وأسلما وَحسن إسلامهما. فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بالجيوش مر الظهْرَان رَقَتْ نفس الْعَبَّاس لقريش وَأَسِفَ على ذهابها٥ وَخَافَ أَن تغشاهم الجيوش قبل أَن يستأمنوا. فَركب بغلة النَّبِي ﷺ ونهض، فَلَمَّا أَتَى الْأَرَاك٦ وَهُوَ يطْمع أَن يلقى حطابا أَو صَاحب [لبن] ٧ يَأْتِي مَكَّة فينذرهم. فَبَيْنَمَا هُوَ يمشي إِذْ سمع صَوت أبي سُفْيَان صَخْر بْن حَرْب وَبُدَيْل بْن وَرْقَاء وهما يتساءلان وَقد رَأيا نيران عَسْكَر النَّبِي ﵇. وَبُدَيْل يُرِيد أَن يستر ذَلِك فَيَقُول: إِنَّمَا هِيَ نيران خُزَاعَة، وَيَقُول لَهُ أَبُو سُفْيَان: خُزَاعَة أقل وأذل [من] ٨ أَن تكون لَهَا هَذِه النيرَان. فَلَمَّا سمع الْعَبَّاس كَلَامه ناداه٩: يَا [أَبَا] ١٠ حَنْظَلَة فميز أَبَا سُفْيَان كَلَامه١١، فناداه: يَا أَبَا الْفضل، فَقَالَ: نعم، فَقَالَ لَهُ: فدَاك أبي وَأمي، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس:

١ ذُو الحليفة: على سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة. ٢ ثقله: أَهله ومتاعه. ٣ الْجحْفَة: مَوضِع على أَربع مراحل من مَكَّة. ٤ فِي بَعْص المصادر: وصهرك أخي. ٥ يُرِيد: مَا توقعه من ذهابها لضخم هَذَا الْجَيْش، غير أَنَّهَا دخلت فِي دين الله وَلم تحدث حَرْب. ٦ الْأَرَاك: وَاد قرب مَكَّة. ٧ زِيَادَة من ر وابْن هِشَام وَغَيره. ٨ زِيَادَة من ر وابْن هِشَام وَغَيره. ٩ فِي الأَصْل: فناداه. ١٠ زِيَادَة من ر وَابْن هِشَام وَغَيره. ١١ فِي ابْن هِشَام وَغَيره: صَوته.

1 / 215