الدرر في اختصار المغازي والسير

ابن عبد البر ت. 463 هجري
205

الدرر في اختصار المغازي والسير

محقق

الدكتور شوقي ضيف

الناشر

دار المعارف

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٣ هـ

مكان النشر

القاهرة

مستخفين١. فانهزمت خُزَاعَة إِلَى الْحرم. فَقَالَ قوم نَوْفَل بْن مُعَاوِيَة لنوفل: يَا نَوْفَل اتَّقِ إلهك وَلَا تستحل الْحرم ودع خُزَاعَة، فَقَالَ: لَا إِلَه لي الْيَوْم، وَالله يَا بني كنَانَة إِنَّكُم لتسرقون فِي الْحرم، أَفلا تدركون فِيهِ ثأركم، فَقتلُوا رجلا من خُزَاعَة يُقَال لَهُ مُنَبّه٢ وَدخلت خُزَاعَة دور مَكَّة فِي دَار بديل بْن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ وَدَار مولى لَهُم يُسمى رَافعا. وَكَانَ ذَلِك نقضا للصلح الْوَاقِع يَوْم الْحُدَيْبِيَة. فَخرج عَمْرو بْن سَالم الْخُزَاعِيّ وَبُدَيْل بْن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ وَقوم من خُزَاعَة، فقدموا على رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مستغيثين بِهِ مِمَّا أَصَابَهُم بِهِ بَنو بكر بْن عَبْد مَنَاة وقريش وأنشده عَمْرو بْن سَالم الشّعْر الَّذِي ذكرته فِي بَابه من كتاب٣ الصَّحَابَة، فأجابهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى نَصرهم، وَقَالَ: "لَا ينصرني اللَّه إِن لم أنْصر بني كَعْب" ثمَّ نظر إِلَى سَحَابَة، فَقَالَ: "إِنَّهَا لتستهل بنصرتي كَعْبًا" يَعْنِي خُزَاعَة. وَقَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ لبديل بْن وَرْقَاء وَمن مَعَه: "إِن أَبَا سُفْيَان سَيَأْتِي ليَشُد العقد وَيزِيد فِي مُدَّة الصُّلْح، وسينصرف بِغَيْر حَاجَة". وندمت قُرَيْش على مَا فعلت، فَخرج أَبُو سُفْيَان إِلَى الْمَدِينَة ليَشُد٤ العقد وَيزِيد فِي الْمدَّة، فلقي بديل بْن وَرْقَاء بعسفان٥ فكتمه بديل مَسِيرَهُ إِلَى النَّبِي ﷺ، وَأخْبرهُ أَنه إِنَّمَا سَار بخزاعة على السَّاحِل. فَنَهَضَ أَبُو سُفْيَان حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة، فَدخل على ابْنَته: أم حَبِيبَة أم الْمُؤمنِينَ ﵂، فَذهب ليقعد على فرَاش رَسُول اللَّهِ ﷺ [فطوته٦ عَنهُ فَقَالَ: يَا بنية مَا أَدْرِي أرغبت بِي عَن هَذَا الْفراش أم رغبت بِهِ عني؟] قَالَت: بل هُوَ

١ إِذْ كَانَت الْحَرْب لَيْلًا وَيُقَال كَانَ فيهم صَفْوَان بن أُميَّة وَحُوَيْطِب بن عبد الْعُزَّى وَمِكْرَز بن حَفْص. ٢ يُقَال أَنهم أَصَابُوهُ لَيْلَة بيتوهم قبل دُخُولهمْ مَكَّة. ٣ انْظُر الِاسْتِيعَاب ص٤٥٩ وَفِي هَذَا الشّعْر يَقُول مُخَاطبا الرَّسُول: إِن قُريْشًا أخلفتك الْمَوْعِدَا ... وَنَقَضُوا مِيثَاقك الْمُؤَكَّدَا وَقَتَلُونَا بالصعيد هُجَّدا ... نتلو الْقرَان ركعا وَسجدا ٤ فِي الأَصْل ور: ليستديم، وَانْظُر مَا قبله، وراجع ابْن هِشَام وَغَيره. ٥ عسفان: على مرحلَتَيْنِ من مَكَّة أَو ثَلَاث. ٦ زِيَادَة من ابْن هِشَام.

1 / 212