الدرر في اختصار المغازي والسير

ابن عبد البر ت. 463 هجري
134

الدرر في اختصار المغازي والسير

محقق

الدكتور شوقي ضيف

الناشر

دار المعارف

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٣ هـ

مكان النشر

القاهرة

غَزْوَة بحران ١ فَأَقَامَ رَسُول اللَّه ﷺ بِالْمَدِينَةِ ربيعا الأول، ثمَّ غزا يُرِيد قُريْشًا، واستخلف على الْمَدِينَة ابْن أم مَكْتُوم، فَبلغ بحران، معدنا بالحجاز، وَلم يلق حَربًا. فَأَقَامَ هُنَالك ربيعا الآخر وجمادى الأولى من السّنة الثَّالِثَة. ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمَدِينَة. غَزْوَة بني قينقاع ٢ وَنَقَضَ بَنو قينقاع من الْيَهُود عقد رَسُول اللَّه ﷺ، فَخرج إِلَيْهِم ﷺ وحاصرهم حَتَّى نزلُوا على حكمه. فشفع فيهم عَبْد اللَّهِ بْن أبي بْن سلول، وَرغب فِي حقن دِمَائِهِمْ، وألح على رَسُول اللَّه وَتعلق بِهِ حَتَّى أَدخل يَده فِي جيب درعه، فَقَالَ: "أَرْسلنِي"، فَقَالَ: وَالله لَا أرسلك حَتَّى تحسن إِلَيّ فِي موَالِي: أَرْبَعمِائَة حاسر٣ وثلاثمائة دارع تُرِيدُ أَن تحصدهم فِي غَدَاة وَاحِدَة. وَكَانَ حصاره ﷺ لَهُم خمس عشرَة لَيْلَة واستخلف على الْمَدِينَة فِي تِلْكَ الْمدَّة [أَبَا لبَابَة] بشير بْن عبد الْمُنْذر.

١ انْظُر فِي غَزْوَة بحران ابْن هِشَام ٣/ ٥٠ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٢٤ والواقدي ص١٩٥ والطبري ٢/ ٤٨٧ وَابْن حزم ص١٥٣ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٣٠٤ وَابْن كثير ٤/ ٣ والنويري ١٧/ ٧٩ وَالسير الحلبية ٢/ ٢٨٠. وبحران: مَوضِع لبني سليم من نَاحيَة الْفَرْع بِفتْحَتَيْنِ، وَهِي قَرْيَة من قرى الْمَدِينَة، وَكَانَ الرَّسُول بلغه أَن بني سليم تجمعُوا للإغارة على يثرب، فَرَأى أَن يعاجلهم، وَيَقُول ابْن سعد أَنه خرج إِلَيْهِم لست خلون من جمادي الأولى فِي السّنة الثَّالِثَة لِلْهِجْرَةِ. ٢ انْظُر فِي غَزْوَة بني قينقاع ابْن هِشَام ٣/ ٥٠ والواقدي ١٧٧ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص١٩ والطبري ٢/ ٤٧٩ وَابْن حزم ص١٥٤ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٩٤ وَابْن كثير ٤/ ٥ والنويري ١٧/ ٦٧ والسيرة الحلبية ٢/ ٢٧٢. وَكَانَت هَذِه الْغَزْوَة يَوْم السبت لنصف شَوَّال من السّنة الثَّانِيَة لِلْهِجْرَةِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمهَا على جَمِيع الْغَزَوَات السَّابِقَة مَا عدا غَزْوَة بني سليم الأولى. وَكَانَ بَنو قينقاع أول من نقض الْعَهْد من الْيَهُود فحاربهم الرَّسُول وحاصرهم حصارا شَدِيدا لمُدَّة خَمْسَة عشر يَوْمًا حَتَّى نزلُوا على حكمه، وَهُوَ أَن لَهُ أَمْوَالهم وَعَلَيْهِم الْجلاء عَن الْمَدِينَة، فَجَلَوْا عَنْهَا وَلَحِقُوا بأذرعات مخلفين بحصنهم سِلَاحا وَآلَة كَثِيرَة. وَلم يكن لَهُم زرع وَلَا نخل وَإِنَّمَا كَانُوا تجارًا وصاغة. ٣ الحاسر ضد الدارع أَي لابس الدرْع.

1 / 141