الهمام إن استقبال القبر الشريف أفضل من استقبال القبلة وأما ما نقل عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه إن استقبال القبلة أفضل فهذا النقل غير صحيح فقد روى الإمام أبو حنيفة نفسه في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال من السنة استقبال القبر المكرم وجعل الظهر للقبلة وسبق ابن الهمام في النص على ذلك العلامة ابن جماعة فإنه نقل استحباب استقبال القبر عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ورد على الكرماني في أنه يستقبل القبلة فقال إنه ليس بشئ ثم قال في الجوهر المنظم ويستدل لاستقبال القبر أيضا بأنا متفقون على أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره يعلم بزائره وهو صلى الله عليه وسلم لما كان في الدنيا لم يسع زائره إلا استقباله واستدبار القبلة فكذا يكون الأمر حين زيارته في قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وإذا اتفقنا في المدرس من العلماء بالمسجد الحرام المستقبل للقبلة إن الطلبة يستقبلونه ويستدبرون الكعبة فما بالك به صلى الله عليه وسلم فهذا أولى بذلك قطعا وقد تقدم قول الإمام مالك للخليفة المنصور ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله بل استقبله واستشفع به قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلا له مستدبرا للقبلة ثم نقل عن مذهب الإمام أبي حنيفة والشافعي والجمهور مثل ذلك وأما مذهب الإمام أحمد ففيه اختلاف بين علماء مذهبه والراجح عند المحققين منهم استحباب استقبال القبر الشريف كبقية المذاهب وكذا القول في التوسل فإن المرجح عند المحققين منهم استحبابه لصحة الأحاديث الدالة على ذلك ليكون المرجح عند الحنابلة موافقا لما عليه أهل المذاهب الثلاثة وقد أطال الإمام السبكي في شفاء السقام في نقل نصوص أهل المذاهب الأربعة في ذلك وذكر الشيخ طاهر سنبل في رسالة له في ذلك أن ممن ذكر ذلك من علماء الحنابلة الإمام أبا عبد الله السامري في المستوعب ورفعت فتوى لمفتي الحنابلة بمكة الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد في هذه المسألة فأجاب بأن الراجح عند الحنابلة استقبال القبر الشريف عند الدعاء واستحباب التوسل قال وذلك مذكور في كثير من
صفحة ٢٣