بذلك معراجك ، تعرج فيها الى سماء الحقيقة.
كما ورد في الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وآله عدد قطرات المطر : الصلاة معراج المؤمن.
فانه يعرج فيها بنعت بعد نعت ، ووصف بعد وصف ، من مرقاة الى مرقاة ، ودرجة الى درجة ، حتى اذا بلغ محل الحضور وعالم النور ، يرفع عنه الحجاب ، ويقام على الباب ، ويرخص في الخطاب ، فيقول بلسان ذليق طليق اياك نعبد واياك نستعين.
فيصير جليسا لربه ، دثارا لخالقه ، مقترحا على رازقه ، منادما لمالك دار الفناء ودار البقاء ، مشرفا بحضرة سلطان السماء ، فيقول : اهدنا الصراط المستقيم.
فيكون حاله حال راهب لما قيل له : ما اصبرك على الوحدة؟ قال : انا جليس ربي ، اذا شئت ان يناجيني قرأت كتابه ، واذا شئت ان اناجيه صليت.
* اهدنا الصراط المستقيم .
الهداية هي الدلالة على ما من شأنه الايصال الى البغية من غير ان يشترط في مدلولها الوصول ، ولذلك كانت الدلالات التكوينية المنصوبة في الافاق والانفس ، والبينات الواردة في الكتب السماوية على الاطلاق ، بالنسبة الى البرية كافة برها وفاجرها هدايات حقيقية فائضة من الله تعالى.
وهداية الله تعالى انما يتحقق باحداثه الشوق في السالك ، واهتياجه قلبه وجذبه الى ارادته ومحبته والمواظبة عليه.
فان الشوق وهو ادراك لذة المحبة اللازمة لفرط الارادة الممتزجة بالم المفارقة ، يكون في حال السلوك بعد اشتداد الارادة ضروريا.
وربما كان حاصلا قبل السلوك ، وذلك اذا حصل الشعور بكمال المطلوب ، ولم تنضم اليه القدرة على السير ، وقل الصبر على المفارقة ، وكلما ترقى السالك
صفحة ٥٠