299

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

تصانيف

============================================================

الشلطان: أنا أغرف هذا، لكن أين من يصلح للخلافة؟ وقد علمت أن الخلفاء لما لعبوا بالحمام، وأغرضوا عن تدبير المملكة خرجت الخلافة عنهم، ولو علمت أحدا يضلح للخلافة لسلمت الأمر إليه. قال أحمد: كون الواحد أو الجماعة من قريش فرطوا لا يوجب ذلك خروج الأمر عنهم كلهم. قال السلطان: فأين من يصلح حتى أقوم معه؟ قال آحمد: أهل ذلك كثير. قال: فأين هم؟ قال: تخل أنت عن هذا الأمر ويختار المسلمون. فانقطع السلطان، وقال: عرفنا هذا فما تنكر أيضا؟ قال: المكوس. قال: أنا ما أخدثتها. قال: ليس في الشر أشوة . وأخذ يعدد ما عليه الناس من المنكرات وهو يختد في كلامه، والشلطان ساكن لا يظهر عليه شيء من الغضب، وقد اشتد غضب من حضر، ثم أراد أن يآخذ أحمد بموجب، فقال: دغ هذا من معك من الأمراء؟ قال: أنا لا أشتنصر بأحد من أمرائك، بل أريد محاربتهم، فالتفت إلى الوالي، وقال: عاقبهم حتى يقروا على من معهم من الأمراء، فمضى بهم وعاقبهم أشد عقوبة من الضرب بالمقارع والعمل في الطين والجير ونقل الحجارة، ثم سجنوا بخزانة شمايل، وعمل كل اثنين في جامعة حديد، يمنى هذا إلى يشرى هذا، وكل مدة يجدد عليهم الضرب. فلم يزالوا كذلك إلى أن سار الأمير يلبغا الناصري من حلب بالعساكر إلى مصضر، وبدا الخذلان على الدولة بعث الشيخ خليل ابن المشبب إلى السلطان يشفع في أحمد ومن معه، فأخضره الشلطان ومن معه في يوم الأحد ثامن شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وقال له: أحمد ما جزاؤك؟ قال: إما سيف الشلطان أو عفوه. فقال بعض من حضر: لا، بل عفؤ الشلطان.

فأمر فأفرج عنه وخلي لسبيله هو وأصحابه، فأقام في مضضي من الحياة وضيق من العيش، وثقل الجناح بالعيال جتى مات صابرا مختسبا في يوم الخميس السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وثماني مثة.

وكان عالما باكثر مسائل الشريعة وأدلتها من الكتاب والشنة؛ فروعها وأصولها، ذاكرا لمعظم أخبار الخليقة؛ عربها وعجمها، مشرفا 299

صفحة ٢٩٩