[مقدمة جامع الكتاب]
الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، أحمده استتماما لنعمته، واستعصاما من معصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة صادرة عن محض اليقين، هاشمة لأنوف المعتدين، وصلى الله على محمد خاتم المرسلين وعلى أهل بيته الطيبين، صلاة دائمة إلى يوم الدين.
صفحة ٢٦
أما بعد: فإنه لما كثرت الأخبار وتواترت الآثار عن النبي المختار صلى الله عليه وعلى آله الأطهار، في فضل من ألف بين كلمتين، أو روى من كلام الحكمة خبرا أو خبرين، تطاولت العلماء إلى إكتساب هذه الفضيلة، والتعرض لنيل هذه المثابة الجزيلة، فأفرد أكثرهم في هذا الفن كتابا مما أملاه وادخره كنزا له في اخراه كالسيد أبي الحسين (1) والسيد أبي طالب (2) وشيخهما أبي العباس الحسني (3) وأحمد بن عيسى (4) والإمام الموفق بالله(5) وولده المرشد يحيى بن الموفق، وغيرهم من الأئمة السابقين عليهم السلام وأتباعهم الطاهرين، ولم يوجد مثل ذلك للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، مع أن الكل منهم يغترف من بحره الزاخر، ويعترف له بالحظ الوافر، وإنما شغله عن ذلك شغل الجهاد، ومعاناة أهل الفساد، فكان أكثر وقته لا يتمكن من إملاء مسألة إلا وهو على ظهر فرسه، ولقد حكى عنه في يوم من أيام حروبه، وقد اعترض له سائل يسأله من لدن أمر بإسراج فرسه إلى أن استوى على متنه، ثم إلى أن زحف إلى عدوه وهو يجيبه، فلما تراءى الجمعان، وألح عليه ذلك الإنسان أنشد هذه الأبيات متمثلا:
ويل الشجي(1) من الخلي فإنه
صفحة ٢٨
وترى الخلي قرير عين لاهيا
ويقول مالك لا تقول مقالتي ... نصب الفؤاد بشجوه مغموم
وعلى الشجي كآبة وهموم
ولسان ذا طلق وذا مكظوم
فرأيت أن أجمع في كتابي هذا مما حفظت فيه من رواية الهادي إلى الحق عليه السلام تقربا إلى الله تعالى، وإلى الإمام الهادي إلى الحق، رجاء أن أحشر في زمرته، وأدخل في شفاعة جده ودعوته.
وتوخيت بذلك ما حدثنا به الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين عبد الله بن حمزة بن سليمان -أعز الله أنصاره-، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها(1) حتى يؤديها إلى من لم يسمعها كما يسمعها.
وحدثنا أبي عن أبيه، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: اللهم ارحم خلفائي، قالها ثلاثا، قيل: يا نبي الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها الناس (2) وهذا حين أبتدئ في ذلك، ومن الله أسأل التوفيق، وهو حسبي ونعم الوكيل.
صفحة ٢٩
[الباب الأول]
### ||| في الزهد ومحاسن الأخلاق والحث على طاعة الخلاق
[سند جامع الكتاب]
أخبرنا القاضي العالم الفاضل، افتخار الزيدية تقي الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي النجم، القاضي بصعدة قال: أخبرنا الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين عبد الله بن حمزة عليه السلام عن شيخه حسام الدين، لسان المتكلمين الحسن بن محمد بن الحسن الرصاص ومحي الدين حميد بن أحمد بن الوليد القرشي رضي الله عنهما عن الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن الناصر بن الهادي عليه السلام، عن الشيخ إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث، عن عبد الرزاق بن أحمد، عن الشريف علي بن الحارث، وعن أبي الهيثم يوسف بن أبي العشيرة وروياه جميعا، عن الحسن بن أحمد الظهري إمام مسجد الهادي إلى الحق عليه السلام، عن محمد بن أبي الفتح.
صفحة ٣٠
عن الإمام المرتضى لدين الله محمد بن يحيى عن أبيه الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم عليهم السلام قال: بلغنا عن زيد بن علي عليهما السلام عن آبائه عن علي عليه السلام أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله:شاب نشأ في طاعة الله عز وجل، ورجل دعته امرأة ذات حسب ونسب إلى نفسها فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل خرج من بيته فأسبغ الطهور، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله فهلك فيما بينه وبين ذلك، ورجل خرج حاجا أو معتمرا إلى بيت الله، ورجل خرج مجاهدا في سبيل الله: - قال يحيى بن الحسين: هذا أعظمهم خطرا عند الله- ورجل ضارب في الأرض يطلب من فضل الله ما يكف به نفسه ويعود به على عياله، ورجل قام في جوف اليل بعدما هدأت كل عين فأسبغ الطهور، ثم قام إلى بيت من بيوت الله فهلك فيما بينه وبين ذلك)).
صفحة ٣١
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمأنه شكى إليه رجل بعض ما يكون، فقال له: ((أين أنت عن الاستغفار))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من ختم يومه يقول عشر مرات أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم إلا غفر الله له ما كان منه في يومه، أو قالها في ليل إلا غفر الله له ما كان منه في ليلته)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمأنه قال: ((من خرج من عينيه مقياس ذباب دموعا من خشية الله أمنه الله يوم الفزع الأكبر)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن سلمان الفارسي -رحمة الله عليه- أنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زائرا لأناسية من أهل اليمن كانوا بايعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الإسلام، فدخل عليهم فجعل يصافحهم واحدا واحدا، فلما خرجنا قال: ((ياسلمان، ألا أبشرك))، قلت: بلى يارسول الله، فقال: ((ما من مسلم يخرج من بيته زائرا لإخوة له من المسلمين إلا خاض في رحمة الله، وشيعه سبعون ألف ملك، حتى إذا التقوا وتصافحوا كانوا كاليدين التي تغسل إحداهما الأخرى، وغفر لهم ماسلف وأعطوا ما سألوا)).
صفحة ٣٢
وصية أمير المؤمنين عليه السلام
وقال عليه السلام: بلغنا عن علي عليه السلام أنه دعا بنيه وهم أحد عشر رجلا: الحسن بن علي ، والحسين، ومحمد الأكبر، وعمر، ومحمد الأصغر، وعباس، وعبد الله، وجعفر، وعثمان، وعبيد الله، وأبوبكر، بنو علي بن أبي طالب عليهم السلام، فلما اجتمعوا عنده قال: ((يابني ليبر صغاركم كباركم وليرؤف كباركم بصغاركم، ولا تكونوا كالأشباه الغواة الجفاة الذين لم يتفقهوا في الدين، ولم يعطوا من الله اليقين، كقيض بيض في أدحى ويح الفراخ، فراخ آل محمد من خليفة مستخلف وعتريف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف، ثم قال: والله لقد علمت بتبليغ الرسالات وتمام الكلمات وتصديق العدات، وليتمن الله نعمته عليكم أهل البيت، ثم قال للحسن والحسين عليهما السلام: أوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا ولا تلويا على شيء منها، قولا الحق، وارحما اليتيم، وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا، واعملا بالكتاب، ولا تأخذكما في الله لومة لائم، ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال: قد سمعت ما أوصيت به أخويك؟ قال: نعم.
صفحة ٣٣
قال: أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك، وتعظيم حقهما، وتزيين أمرهما، ولا تقطعن أمرا دونهما، ثم قال: أوصيكما به فإنه شقيقكما وابن أبيكما، وقد علمتما منزلته من أبيكما، وإنه كان يحبه فأحباه.
وكان آخر ما تكلم به بعد أن أوصى الحسن بما أراد، لا إله إلا الله يرددها حتى قبض عليه السلام ليلة الإثنين لإحدى وعشرين من شهر رمضان من سنة أربعين من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة، فكبر عليه الحسن بن علي رحمة الله عليه خمسا)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((ملعون من أغرى بين البهائم)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام أنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((عشر من أفعال قوم لوط فاحذروهن: إسبال الشارب، وتصفيف الشعر، وتمضيغ العلك، وتحليل الأزرار، وإسبال الإزار، وإطارة الحمام، والرمي بالجلاهق، والصفير واجتماعهم على الشراب، ولعب بعضهم ببعض)).
صفحة ٣٤
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ثلاثة لا تنالهم شفاعتي يوم القيامة: ناكح البهيمة، ولاوي الصدقة، والمنكوح من الذكور مثل ما تنكح النساء)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يأتي القرآن يوم القيامة وله لسان طلق ذلق قائلا مصدقا، وشفيعا مشفعا، فيقول: يارب جمعني فلان عبدك في جوفه؛ فكان لا يعمل في بطاعتك، ولا يجتنب في معصيتك، ولا يقيم في حدودك، قال: فيقول: صدقت؛ فتكون ظلمة بين عينيه وأخرى عن يمينه، وأخرى عن شماله، وأخرى من خلفه تبتزه هذه وتدفعه هذه حتى تذهب به إلى أسفل درك في النار.
قال: ويأتي فيقول: يارب جمعني فلان عبدك في جوفه؛ فكان يعمل في بطاعتك، ويجتنب في معصيتك، ويقيم في حدودك، فيقول: صدقت، فيكون له نورا يصدع ما بين السماء والأرض حتى يدخل الجنة، ثم يقال له: اقرأ وارق فلك بكل حرف درجة في الجنة حتى تساوي النبيين والشهداء هكذا وجمع بين المسبحة والوسطى)).
صفحة ٣٥
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال: كان رجل من الأنصار يعلم القرآن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأتاه رجل ممن كان يعلمه بفرس، فقال: هذا لك أحملك عليه في سبيل الله، فأتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسأله عن ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أتحب أن يكون حظك غدا؟ فقال: لا والله، قال: فاردده.
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنبر فقال: ((يا أيها الناس، إن جبريل أتاني فقال: يا محمد، من أدرك أبويه أو أحدهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت:آمين)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن علي عليه السلام أنه قال: ((إن الرجل ليكون بارا بوالديه في حياتهما، فيموتان فلا يستغفر لهما، فيكتبه الله عاقا، وإن الرجل ليكون عاقا بهما في حياتهما، فيموتان فيستغفر لهما، فيكتبه الله بارا)).
صفحة ٣٦
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام أنه قال: ((من أحب أن يملأ له في عمره، ويبسط له في رزقه، ويستجاب له الدعاء، ويدفع عنه ميتة السوء، فليطع أبويه في طاعة الله عز وجل، وليصل رحمه، وليعلم أن الرحم معلقة بالعرش تأتي يوم القيامة لها لسان طلق ذلق تقول: اللهم صل من وصلني، اللهم اقطع من قطعني، قال: فيجيبها الله تعالى إني قد استجبت دعوتك، فإن العبد قائم يرى أنه لبسبيل خير حتى تأتيه الرحم فتأخذ بهامته فتذهب به إلى أسفل درك من البلاء بقطيعته إياها كان ذلك في دار الدنيا)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن من تعظيم إجلال الله أن تجل الأبوين في طاعة الله)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((النظر في كتاب الله عبادة، والنظر إلى بيت الله الحرام عبادة، والنظر في وجوه الوالدين إعظاما لهما وإجلالا لهما عبادة)).
صفحة ٣٧
وقال عليه السلام: بلغنا عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيجعلها الله ثلاثا وثلاثين سنة، وإن الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون، فيجعلها الله ثلاثا)).
قال عليه السلام: ((وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: من يضمن لي واحدة أضمن له أربعا، من يصل رحمه فيحبه أهله، ويكثر ماله، ويطول عمره، ويدخل جنة ربه)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن من أوجب المغفرة إدخالك السرور على قلب أخيك المسلم)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: ((من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة، إحداهن الجنة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربا يوم القيامة، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه من عطش سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوبا كان في ضمان الله ما بقي عليه من ذلك الثوب سلك، والله لقضاء حاجة المؤمن أفضل من صوم شهر واعتكافه)).
صفحة ٣٨
وقال عليه السلام: بلغنا أن رجلا أتى الحسين بن علي عليه السلام في حاجة فسأله أن يقوم معه فيها فقال: إني معتكف، فجاء إلى الحسن بن علي عليه السلام فقال إني أتيت أبا عبد الله في حاجة ليقوم معي، فقال: إني معتكف، فقام معه الحسن في حاجته، وجعل طريقه على الحسين عليهما السلام ثم قال: يا أخي، ما منعك أن تقوم مع أخيك في حاجته؟ فقال: إني معتكف، فقال الحسن عليه السلام: لأن أقوم مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من اعتكاف شهر.
وقال عليه السلام: بلغنا عن الحسن بن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما آمن بالله))، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: ((من بات شبعان وجاره جائع وهو يشعر)).
وقال عليه السلام:بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((البر وحسن الجوار، زيادة في الرزق وعمارة للديار)).
وقال عليه السلام: حدثني أبي عن أبيه أنه قال: حدثنا أبو سهل سعد بن سعيد، عن الفضل، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((ما يؤمن))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((رجل لا يأمن جاره بوائقه)).
صفحة ٣٩
وقال عليه السلام: حدثني أبي عن أبيه قال: حدثنا المقبري، عن الفضل، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما آمن))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((من لم يأمن جاره غشمه وظلمه)).
وقال عليه السلام: بلغنا أن رجلا أتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يشكو جاره، فقال له النبيصلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اطرح متاعك على الطريق، فطرحه، فجعل الناس يمرون فيلعنونه؛ إذ ألجأ جاره إلى ذلك، قال: فجاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله، ما لقيت من الناس، قال: وما لقيت منهم؟ قال: يلعنوني، قال: قد لعنك الله قبل الناس، قال: فإني لا أعود يا رسول الله، قال: فجاء الذي شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ارفع متاعك فقد أمنت وكفيت)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقول: ((أنا شفيع لكل أخوين تحابا في الله من مبعثي إلى يوم القيامة)).
صفحة ٤٠
وقال عليه السلام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وعظمتي وكبريائي وجودي لأدخلن داري، ولأرافقن بين أوليائي، ولأزوجن حور عيني المتحابين في، المتواخين في، المتحببين إلى خلقي)).
وقال عليه السلام : بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لعن الراكبة والمركوبة، وقال: ((لا تدخل الجنة فحلة من النساء، ولعن الله وملائكته من أتى رجلا أو بهيمة، أو رجلا تشبه بالنساء، أو امرأة تشبهت بالرجال، ولعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الواصلة والمؤتصلة، والواشمة والمؤتشمة،من غير داء والنامصة والمنتمصة)).
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إني لأكره أن أرى المرأة لا خضاب عليها)).
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما يمنع إحداكن أن تغير أظفارها بالخضاب)).
وكان يأمرهن بالقلايد في أعناقهن، وأن يلبسن الحلي أو غيره مما يقدرن عليه في أيديهن وأرجلهن، وكره لهن أن يتعطلن تعطل الرجال.
وكان يكره للمرأة أن تصلي وليس عليها قلادة ولا شيء.
صفحة ٤١
وكان يقول: ((لو أن أحدكم إذا أتى أهله يقول: اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإن كان له ولد لم يسلط عليه الشيطان)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، وكان يقول: ((إذا أراد أحدكم أمرا فليسمه وليقل: اللهم إني أستخيرك فيه بعلمك، وأستقدرك فيه بقدرتك فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم ما كان خيرا لي من أمري هذا فارزقنيه، ويسره لي، وأعني عليه، وحببه إلي، ورضني به، وبارك لي فيه، وما كان شرا لي فاصرفه عني ويسر لي الخير حيث كان)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((من سعادة المرء كثرة استخارته، ومن شقائه تركه الاستخارة)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: ((ما أبالي إذا استخرت الله على أي جنبي وقعت)).
صفحة ٤٢
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إن الله جل جلاله في آخر ساعة تبقى من ساعات الليل يأمر ملكا ينادي، فيسمع ما بين الخافقين، ما خلا الإنس والجن: ألا هل من مستغفر يغفر له، هل من تائب يتب عليه، هل من داع بخير يستجب له، هل من سائل يعط سؤاله، هل من راغب (يعط) رغبته، يا باغي الخير أقبل، يا صاحب الشر أقصر، اللهم اعط كل منفق مالا خلفا، واعط كل ممسك مالا تلفا)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((من فتح له باب دعاء فتح الله له باب إجابة ورحمة، وذلك قول الله تعالى:{ادعوني أستجب لكم}))[غافر:60].
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إن الله تعالى إذا أحب عبدا ابتلاه، فإذا ابتلاه فصبر، كافأه)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ثلاث من كن فيه فقد حرم الله لحمه على النار وله الجنة، من إذا أصابته مصيبة استرجع، وإذا أنعم الله عليه بنعمة حمد الله عند ذكره إياها، وإذا أذنب استغفر الله)).
صفحة ٤٣
وقال عليه السلام: بلغنا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((أوحى الله إلى موسى بن عمران: أتدري لم اصطفيتك على الخلائق، وكلمتك تكليما؟ فقال: لم يا رب؟ قال: لأني اطلعت على قلوب عبادي فلم أجد فيهم أشد تواضعا لي منك)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إن الله يحب السخي فأحبوه، ويبغض البخيل فابغضوه)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((السخاء شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى الجنة، والبخل شجرة نابتة في النار وأغصانها في الدنيا، فمن أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى النار)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((من صلى ثماني ركعات في جوف الليل والوتر معا يداوم عليهن حتى يلقى الله بهن، فتح الله له اثنى عشر بابا من الجنة يدخل من أيها شاء)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((صلاة السر تضعف على صلاة العلانية سبعين ضعفا)).
وقال عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((الرفق يمن، والخرق شؤم)).
صفحة ٤٤
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إذا أراد الله بأهل بيت خيرا دلهم على الرفق)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((من جبى درهما لإمام جائر كبه الله في النار على منخريه)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام أنه كان يروي ويقول: ((إذا كان يوم القيامة جعل سرادق من نار، وجعل فيه أعوان الظالمين، وتجعل لهم أظافير من حديد يحكون بها أبدانهم، حتى تبدو أفئدتهم، ويقولون ربنا ألم نعبدك ؟ فيقال: بلى، ولكنكم كنتم أعوانا للظالمين)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((من سود علينا فقد شرك في دمائنا)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنصرف)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة، أوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واصدقوا إذا حدثتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وصلوا أرحامكم)).
صفحة ٤٥
قال يحيى بن الحسين: تصديق ذلك في القرآن ظاهر، والغيبة والكبر من أخلاق الكافرين، وليست من أخلاق المؤمنين، وفي ذلك ما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم للزبير وصاحبه حيث تناولا من ماعز بن مالك من بعد أن رجمه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالا: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فهتك نفسه حتى رجم كما يرجم الكلب، فسكت عنهما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى أجازا بجيفة حمار شاغر برجله، فقال لهما: ((انزلا فأصيبا من هذا الحمار))، فقالا: يا رسول الله، أنأكل الميتة ؟ فقال: ((لما أصبتما من صاحبكما آنفا أعظم من إصابتكما من هذه الجيفة، إنه الآن لينغمس في أنهار الجنة)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((استنزلوا الرزق بالصدقة)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((اصطنع المعروف إلى من هو أهله وإلى من ليس من أهله، فإن أصبت أهله فهو أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله)).
وقال عليه السلام: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال لعائشة: ((تروين من شعر ابن عريض اليهودي))؟ فقالت: لا، فقالت أم سلمة: لكني أرويه، فقال لها: ((وكيف قال؟)) فقالت: قال:
أجزيك أن أثني عليك وإن من ... أثني عليك بما فعلت فقد جزا
وأنشد الهادي إلى الحق عليه السلام لحكيم من الشعراء:
من يصنع العرف لا يعدم جوايزه لا يذهب العرف بين الله والناس.
صفحة ٤٦