تعريف الحدود
ولذلك لما كان موضوعنا عن الحدود، فيحسن أن نعرف الحد ما هو: فالحدود جمع: حد، والحد في الأصل: هو الشيء الحاجز بين شيئين، تقول: أنا أقمت حدًا بيني وبين فلان، أي: أقمت حاجزًا بيني وبينه حتى لا يبغي أحدنا على الآخر.
ويقال: الحد ما ميز الشيء عن غيره.
ومنه: حدود الدار، وحدود الأرض، وهو في اللغة بمعنى: المنع.
وسميت عقوبات المعاصي حدودًا؛ لأنها في الغالب تمنع العاصي من العود إلى تلك المعصية التي حد لأجلها، كما قال الله ﵎: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة:١٨٧].
فأحيانًا يطلق الحد على المعصية نفسها، فلما كانت هذه المعصية خارجة عما حده الله ﷿ لك أمرك بأن لا تقربها؛ فإن اقتربت منها استوجبت الحد الذي فرضه الله ﷿ لهذا الجرم.
والحد في الشرع: عقوبة مقدرة لأجل حق الله، ومعنى حق الله عند الإطلاق: أي: حق المجتمع؛ لأن الحقوق إما حق الآدمي الفرد، وإما حق المجتمع بأسره.
فحق المجتمع بأسره يطلق عليه حق الله تعالى، فيخرج التعزير؛ لعدم تقديره؛ إذ إن تقديره مفوض لرأي الحاكم، ويخرج القصاص كذلك لأنه حق آدمي.
ولذلك قال الله ﵎: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة:١٧٨] هذا في القصاص: إذا كان لك قصاص في حق أخيك فعفوت عنه فإنما ذلك حقك وقد تنازلت عنه.
2 / 5