لا تحزنْ: لأنَّ الحُزْنَ يُريك الماءَ الزلالَ علْقمًا، والوردةَ حَنْظَلَةً، والحديقةَ صحراءَ قاحلةً، والحياة سجنًا لا يُطاقُ.
لا تحزنْ: وأنت عندك عينانِ وأذنانِ وشفتانِ ويدانِ ورجلانِ ولسانٌ، وجَنَانٌ وأمنٌ وأمانٌ وعافيةٌ في الأبدانِ: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ .
لا تحزنْ: ولك دينٌ تَعْتَقِدُهُ، وبيتٌ تسكُنُهُ، وخبزٌ تأكلُه، وماءٌ تشربُهُ، وثوبٌ تَلْبَسُهُ، وزوجةٌ تأوي إليها، فلماذا تحزنْ؟!
نعمة الألم
الألمُ ليس مذمومًا دائمًا، ولا مكروهًا أبدًا، فقدْ يكونُ خيرًا للعبدِ أنْ يتأَلَّمَ.
إنَّ الدعاء الحارَّ يأتي مع الألمِ، والتسبيحَ الصادقَ يصاحبُ الألَمَ، وتألُّم الطالبِ زَمَنَ التحصيلِ وحمْله لأعباءِ الطلبِ يُثمرُ عالمًا جَهْبَذًا، لأنهُ احترق في البدايةِ فأشرق في النهايةِ. وتألُّم الشاعرِ ومعاناتُه لما يقولُ تُنتجُ أدبًا مؤثرًا خلاَّبًا، لأنه انقدحَ مع الألمِ من القلبِ والعصبِ والدمِ فهزَّ المشاعرَ وحرَّكَ الأفئدةَ. ومعاناة الكاتبِ تُخرجُ نِتاجًا حيًّا جذَّابًا يمورُ بالعِبرِ والصورِ والذكرياتِ.
1 / 86