توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
الناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
١٧٤- ورأى أبو الدرداء معاوية بن أبي سفيان، ﵁ باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له: سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن مثل هذا، وقال معاوية: ما أرى بهذه بأسًا ... فلم يعجب أبا الدرداء أن يرد معاوية خبر رسول الله، وقال: من يعذرني من معاوية، أخبره عن رسول الله، ويخبرني عن رأيه! لا أساكنك بأرض، "فرأى أبو الدرداء أن الحجة تقوم على معاوية بخبره، ولما لم ير ذلك معاوية فارق أبو الدرداء الأرض الذي هو بها، إعظامًا لأن ترك خبر ثقة عن النبي"١.
وفعل مثل هذا أبو سعيد الخدري حين لقي رجلًا، فأخبره عن رسول الله شيئًا، فذكر الرجل ما يخالفه، فقال أبو سعيد: "والله لا أواني وإياك سقف بيت أبدًا".
١٧٥- وإذا تركنا الصحابة إلى التابعين وجدنا الأمر كذلك، يتمسكون بخبر الواحد ويرجعون إليه، وإن خالف رأيًا رأوه أو فتيًا أفتوا بها.
فعمر بن عبد العزيز قضى برد عبد ظهر فيه عيب وغلته، فأخبره عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله قضى في مثل هذا أن "الخراج بالضمان٣"، أي لا يرد غلة العبد، لأنها مستحقة بسبب ضمان المشتري له، فرجع عن قضائه الأول إلى خبر الواحد هذا، وقال: "فما أيسر علي من قضاء قضيته، الله يعلم أني لم أرد فيه إلا الحق، فبلغتني فيه سنة عن رسول الله، فأرد قضاء عمر، وأنفذ سنة رسول الله٤".
١٧٦- وقضى سعد بن إبراهيم على رجل في قضية برأي ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فأخبره ابن أبي ذئب بخلاف، ما قضى به، فقال سعد
_________
١ الرسالة ص٤٤٦، ٤٤.
٢ المصدر السابق ص٤٤٧.
٣ قال الأستاذ أحمد شاكر بعد دراسة طرق هذا الحديث المختلفة: الحديث صححه الحاكم ٢/ ١٥ ووافقه الذهبي والترمذي ... فظهرت صحة الحديث بينة، تحقيق الرسالة ص٤٤٩، ٤٥٠".
٤ الرسالة ص٤٤٨، ٤٤٩.
1 / 103