توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
الناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
قَبِل عمر ﵁ هذا في الوقت الذي يعرف فيه أن القرآن الكريم يقول: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ ١ ويأمر بقتال الكافرين حتى يسلموا، فهم عنده من الكافرين، لأنه لا يعرف فيهم شيئًا عن النبي، ﷺ؛ لكنه أتاه خبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس، فاتبعه، وترك عمله وفهمه، وذهب إلى خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم٢.
١٦٦- ثم ثنّى الإمام الشافعي بالرد على من يقولون بالعدد في قبول خبر الواحد، وقد يستدلون بطلب عمر راويًا آخر مع رجل أخبره خبرًا عن رسول الله، ﷺ، فيقول: إن عمر، ﵁ لا يفعل هذا إلا لأحد أسباب ثلاثة:
١- إما للحيطة فقط، وإن كانت الحجة تثبت بخبر الواحد عنده، فخبر الاثنين يزيدها ثبوتًا، وهذا مثل ما نراه عند القاضي، فقد يثبت عنده الشاهدان العدلان والثلاثة، فيقول للمشهود له: زدني شهودًا، وإنما يريد بذلك الحيطة والتأكد والاطمئنان النفسي.. لكنه -لو لم يزده المشهود له لحكم له بالشاهدين؛ لأن الحجة تقوم بهما.
٢- وربما طلب مخبرًا آخر؛ لأنه لا يعرف الأول، فيقف في خبره حتى يأتي مخبر آخر يعرفه: وهذا هو الواجب، فلا يقبل الخبر إلا عن معروف، حتى يمكن الوقوف على الصفات التي يقبل بها خبر الراوي.
٣- ويحتمل أن الذي أخبره ليس بمقبول القول عنده، فيرده، حتى يجد غيره ممن يقبل قوله٣.
١٦٧- وكل الأخبار التي رويت عن عمر ترجع إلى أحد هذه الأسباب:
_________
١ سورة التوبة: ٢٩.
٢ الرسالة ص٤٢٨ - ٤٣٢.
٣ الرسالة ص٤٣٢ - ٤٣٤.
1 / 99