توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
الناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
٣- وهناك قسم آخر عند الأحناف خاصة ويسمونه "المشهور"، وهو ما نقله عن رسول الله ﷺ الآحاد من الصحابة، ثم تواتر في طبقتي التابعين وتابعيهم. فباعتبار الأصل هو من الآحاد، وباعتبار الفرع هو متواتر، ومثاله ما روى المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبي ﷺ، في سفر، فأهويت لأنزع خفيه. فقال: "دعهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين". فمسح عليهما. وكقوله ﵇: "لا يرث القاتل"، وقوله ﷺ: "لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها" ١.
_________
١ أصول السرخسي جـ١، ص٢٩٢- البداية في أصول الفقه: شرف الدين محمود خطاب الطبعة الثالثة ١٣٥٢هـ-١٩٣٣م مطبعة الاستقامة -القاهرة جـ٢ ص٨.
حجية المتواتر والدفاع عن هذه الحجية: ١٣٥- والمتواتر موثوق به، لبعد تهمة التواطؤ على الكذب من ناقليه؛ لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم، فهو يضاهي السماع من الرسول ﷺ مباشرة، و"لهذا كان موجبًا علم اليقين عند جمهور الفقهاء". ويقول شمس الأئمة السرخسي -مبينًا مقدار الثقة بالمتواتر عند الأحناف والشافعية: "ثم المذهب عند علمائنا أن الثابت بالمتواتر من الأخبار علم ضروري كالثابت بالمعاينة، وأصحاب الشافعي يقولون: الثابت به علم يقين ولكنه مكتسب لا ضروري" ثم حكى قولًا ثالثًا لطائفة قالت: إن المتواتر يفيد علم طمأنينة القلب لا علم اليقين، ومعنى هذا أنه يثبت العلم به مع توهم الغلط أو الكذب، ولكن لرجحان جانب الصدق في نقله تطمئن القلوب إليه١، وكلهم مجمعون -تبعًا لهذا- على حجيته ووجوب العمل به. منكرو حجية المتواتر: ١٣٦- وإذا ان هذا هو رأي عامة المسلمين، فقد خالفهم من يقول: إن الخبر -والمتواتر منه- لا يكون حجة أصلًا، ولا يقع العلم به بوجه من الوجوه، لأن الذي تولى نقله المخبرون، ويمكن أن يجتمعوا على اختراعه، _________ ١ المصدر السابق جـ١ ص٢٨٣، ٢٩١، ٢٨٤.
حجية المتواتر والدفاع عن هذه الحجية: ١٣٥- والمتواتر موثوق به، لبعد تهمة التواطؤ على الكذب من ناقليه؛ لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم، فهو يضاهي السماع من الرسول ﷺ مباشرة، و"لهذا كان موجبًا علم اليقين عند جمهور الفقهاء". ويقول شمس الأئمة السرخسي -مبينًا مقدار الثقة بالمتواتر عند الأحناف والشافعية: "ثم المذهب عند علمائنا أن الثابت بالمتواتر من الأخبار علم ضروري كالثابت بالمعاينة، وأصحاب الشافعي يقولون: الثابت به علم يقين ولكنه مكتسب لا ضروري" ثم حكى قولًا ثالثًا لطائفة قالت: إن المتواتر يفيد علم طمأنينة القلب لا علم اليقين، ومعنى هذا أنه يثبت العلم به مع توهم الغلط أو الكذب، ولكن لرجحان جانب الصدق في نقله تطمئن القلوب إليه١، وكلهم مجمعون -تبعًا لهذا- على حجيته ووجوب العمل به. منكرو حجية المتواتر: ١٣٦- وإذا ان هذا هو رأي عامة المسلمين، فقد خالفهم من يقول: إن الخبر -والمتواتر منه- لا يكون حجة أصلًا، ولا يقع العلم به بوجه من الوجوه، لأن الذي تولى نقله المخبرون، ويمكن أن يجتمعوا على اختراعه، _________ ١ المصدر السابق جـ١ ص٢٨٣، ٢٩١، ٢٨٤.
1 / 79