توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
الناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
١٠٦- وكذلك حفظ هذه الكتب، بعضهم بحفظها في ذاكرته، وبعضهم يحفظها في مكان أمين، وكان قتادة يحفظ صحيفة الصحابي الجليل جابر بن عبد الله حفظًا جيدًا١، وكان الحسن بن علي يحفظ قول أبيه المكتوب في ربعة لا يخرجه منها إلا عند الحاجة إليها٢. وهذا الحفظ هو ما عبر عنه الحسن البصري منهم بقوله: "إن لنا كتبًا نتعاهدها"٣، وكان خالد بن معدان الذي لقي سبعين صحابيًّا يتخذ لكتابه عرى وأزرارًا حفظًا له٤.
١٠٧- وكانت هذه الكتب تراجع بالسماع أو بالقراءة على الشيخ حتى لا تقرأ محرفة، قيل لابن سيرين: ما تقول في رجل يجد الكتاب يقرؤه أو ينظر فيه؟ قال: لا، حتى يسمعه من ثقة٥، واستفتي أيوب الناس فيما آل إليه من كتب أبي قلابة وصيه هل يحدث بما فيه مع أن بعضه انتقل إليه وجادة، ولهذا توقف ابن سيرين وقال له: لا آمرك ولا أنهاك٦.
واعتنى الأئمة في القرن الهجري بهذه الناحية عناية شديدة فتناولوا هذه الكتب، ونبهوا على ما انتقل منها سماعًا أو عرضًا، وما لم ينقل كذلك فلا يعتمد عليه كثيرًا وخاصة إذا كان بطريق الوجادة، كما سنرى إن شاء الله تعالى.
١٠٨- هكذا رأينا أن التابعين، مثل الصحابة رضوان الله عليهم في الحفاظ على السنة صحيحة نقية، وأبعدوا عنها ما ليس منها بما وضعوا من أسس وطرائق لتوثيقها، والتي تمثلت في:
_________
١ الطبقات الكبرى جـ٧ قسم ٢ ص٢.
٢ العلل ومعرفة الرجال ١/ ١٠٤.
٣ كتاب العلم، ص١٣٥ - تقييد العلم ص١٠٠.
٤ تذكرة الحفاظ ١/ ٩٣.
٥ الكفاية "هـ" ص٥٣.
٦ المحدث الفاصل، ص٤٥٩.
1 / 62