توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
الناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
أن يحرقها؛ لا لأن الرسول نهى عنها، ولكن خاف أن تُؤْثَر عنه وتنقل، وقد يكون فيها حديث غير صحيح١.
٧٧- وهذا هو أبو سعيد الذي روى الحديث المرفوع في كراهة الكتابة وروى عنه غيره من الموقوفات يلح دائمًا عليه تلاميذه: "إنا نخاف أن نزيد أن ننقص، فلو أنا كتبنا؟ " ... ويذهب الأمر بابنه إلى أن يخالف أباه ويكتب حديثه٢.... والعجب في الأمر أنه مع هذا الإلحاح لا نجد أبا سعيد يرى علة لهذا المنع إلا أنه لا يريد أن يجعل الحديث كالقرآن في مصاحف، ويريد لهم أن يحفظوا كما حفظ هو وغيره منالصحابة، ولكنه لا يذكر أن العلة هي أن الرسول ﷺ نهى عن ذلك٣، وهذا يضاف إلى ما قيل من أن المرفوع عنه إلى رسول الله ﷺ، إنما هو موقوف عليه.
٧٨- وابن مسعود وأبو موسى اللذان قيل: إنهما كرها الكتابة جهد بعض تلاميذهما أن يكتبا حديثهما مثل ابن أبي سعيد ... حقيقة تقول الروايات إنهما اكتشفا ذلك فمحواه ... ولكن هل اكتشفا كل الحديث الذي كتب دون أن يشعرا؟. إن الروايات تقول: إنهما محوا ما اكتشفاه بمحض الصدفة٤ ...
والكلام في هذا طويل ... لكن هذا ليس مجاله ...
٧- ومع هذا فليس عجبًا أن تبرز بعض الضوابط لكتابة الأحاديث عند الصحابة، والتي تمت وظهرت واضحة بعد ذلك، أي بعد أن كثرت الكتابة في القرن الثاني الهجري الذي نتكلم عنه.. ومن هذه الضوابط حفظ الكتاب حتى لا تمتد إليه يد آثمة بالتغيير، وقد سبق أن روي هذا
_________
١ تذكرة الحفاظ جـ١ ص٥.
٢ تقييد العلم ص٣٦ - ٣٨.
٣ تقييد العلم ص٣٦ - ٣٧.
٤ المصدر السابق ص٣٩ - ٤١.
1 / 54