توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

رفعت بن فوزي عبد المطلب ت. غير معلوم
139

توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

الناشر

مكتبة الخنانجي بمصر

رقم الإصدار

الأولى

تصانيف

همام، وكانوا يذهبون إلى التشيع في خلق يتسع ذكرهم -دون أهل العلم رواياتهم، واحتجوا بأخبارهم، فصار ذلك كالإجماع منهم"١. ٢٥٦- ويبدو أن الأحاديث التي نقلها أصحاب المذاهب هؤلاء كانت كثرة، وبتركهم من أجل مذاهبهم ترك كل هذه الكثرة من الأحاديث وهذا هو ما عبر عنه علي بن المديني بقوله: "لو تركت أهل البصرة لحال القدر، ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي -يعني التشيع- خربت الكتب يعني لذهب الحديث". وقيل ليحيى بن سعيد: إن عبد الرحمن بن مهدي قال: أنا أترك من أهل الحديث كل من كان رأسًا في البدعة، فضحك يحيى بن سعيد، وقال: كيف يصنع بقتادة "وقد رمي بالقدر"؟. كيف يصنع بعمر بن ذر الهمداني "وكان رأسًا في الإرجاء"؟!. كيف يصنع بابن أبي رواد ... وعد يحيى قومًا ... ثم قال: إن ترك عبد الرحمن هذا الضرب ترك كثيرًا٢. ٢٥٧- وذهب فريق ثالث إلى رأي وسط بين هؤلاء وهؤلاء، وهو عدم قبول رواية الدعاة منهم إلى مذاهبهم، وقبول رواية غيرهم، وذلك لأن الدعاة هم الذين يخشى منهم الكذب في الرواية لتوافق ما يدعون إليه. ولأن الدعوة إلى المذهب تحمل في حقيقتها تعصبًا له وبغضًا لما يخالفه من المذاهب، وقد تجر هذه العصبية وذلك البغض إلى التحريف في الأحاديث بما يوافق مذاهبهم. أما غير الدعاة فليست عندهم تلك العصبية التي تدفعهم إلى الكذب أو التحريف في الرواية، يقول الخطيب البغدادي: "إنما منعوا أن يكتب عن الدعاة خوفًا من أن تحملهم الدعوة إلى البدعة والترغيب فيها على وضع ما يحسنها"٣، ويقول صاحب كشف الأسرار فيه: "إن هذا هو مذهب عامة أهل الفقه والحديث٤. ٢٥٨- وممن يذهب إلى هذا الرأي الإمام أحمد بن حنبل، فقد قيل له:

١ الكفاية "الطبعة المصرية" ص٢٠١. ٢ المصدر السابق ص٢٠٦. ٣ الكفاية ص ٢٠٥. ٤ ٣/ ٢٤٦.

1 / 151