توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

رفعت بن فوزي عبد المطلب ت. غير معلوم
133

توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

الناشر

مكتبة الخنانجي بمصر

رقم الإصدار

الأولى

تصانيف

عنه قوله: "التدليس أخو الكذب"، وقوله: "لأن أزني أحب إلي من أن أدلس ... ولأن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس"١ وكان الشافعي يتوقف فيمن عرف بالتدليس على هذا النحو، ولو مرة واحدة، فلا يعتبر صاحبه في دائرة أهل الصدق، يقول: "ومن عرفناه دلس مرة واحدة فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بالكذب، فنرد بها حديثه ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق، فقلنا لا نقبل من مدلس حديثًا حتى يقول فيه "حدثني"٢. وذمه أيضًا أبو الوليد الطيالسي، الذي قال عبارة شبيهة بما قال شعبة، قال: "لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أقول: زعم فلان، ولم أسمع ذلك الحديث منه". وابن المبارك الذي قال: إن الله لا يقبل التدليس، وسليمان بن داود المنقري "٢٣٤هـ" الذي قال: والتدليس والغش والغرور والخداع والكذب تحشر يوم تبلى السرائر في نفار واحد "أي طريق واحد". وحماد بن زيد الذي قال: "هو متشبع بما لم يعط"، ونحوه قول أبي عاصم: "أقل حالاته عندي أنه داخل في حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"، وقال وكيع بن الجراح منكرًا التدليس: "الثوب لا يحل تدليسه فكيف الحديث!. وقال يعقوب بن أبي شيبة: وكرهه جماعة من المحدثين، وممن أطلق على فاعله الكذب أبو أسامة "٢٠١هـ"٣. ٢٤٢- وإنما أنكروا هذا الإنكار الشديد على التدليس والمدلسين؛ لأنه باب لو فتح لأدخل منه الكذابون الأحاديث الموضوعة، ونسبوها إلى المحدثين العدول بعبارات توهم سماعهم لها منهم، كما أنه -كما قلنا- يلبس الأحاديث الضعيفة ثوب الأحاديث الصحيحة حينما يسقط المدلس من أسانيده الضعفاء فتبدو صحيحة الإسناد وليست كذلك. وفي هذا من الخطورة ما فيه؛ إذ يختلط الحابل بالنابل، ولا يدري الصحيح من غير الصحيح.. ومن خطوروته أيضًا أنه يظلم الثقات من الرواة ويضعفهم؛ إذ يسند المدلس إليهم أنهم

١ فتح المغيث ١/ ١٧٧. ٢ الرسالة ص٣٧٩ - ٣٨٠. ٣ فتح المغيث ١/ ١٧٨.

1 / 145