المناظرات العقدية لشيخ الإسلام ابن تيمية
الناشر
الناشر المتميز
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
مكان النشر
دار النصيحة - الرياض
تصانيف
٥) قوة حجته وحضورها:
على كثرة مناظرات شيخ الإسلام ﵀ وتنوع خصومه ومخالفيه: من علماء وقضاة ومتكلمين وأذكياء، إلا ان أحدًا منهم لم يستطع الوقوف في وجه شيخ الإسلام، وما ذلك إلا لما كان يمتلكه من قوة حجة تُبهت الخصم وتسكته، وكثرة أدلة تُبهر الخصم وتقطعه، وهذه الميزة تظهر بوضوح في كل مناظرات شيخ الإسلام ومحاوراته، ولا أدل على ذلك من رجوع كثير من مناظريه عن أقوالهم، واعترافهم بما كانوا عليه من ضلال وباطل، وتصريحهم بالتوبة والرجوع إلى الحق الذي قرره شيخ الإسلام وبينه ووضحه، وهذا الأمر منطلق مما يعتقده شيخ الإسلام من أن تقرير الحق وجواب شبه أهل الباطل يجب أن يكون بحجة قوية وأدلة ظاهرة بينة، تقطع ضلال الخصم وتكشفه، وتبرز الحق وتظهره، قال شيخ الإسلام: «وكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفَّى بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور والطمأنينة في النفوس، ولا أفاد كلامه العلم واليقين» (^١)، وقال ﵀: «وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل، كما ينهى الضعيف في المقاتلة أن يقاتل علجًا قويًا من علوج الكفار، فإن ذلك يضره ويضر المسلمين بلا منفعة» (^٢).
٦) تمام العلم والدراية بمذهب الخصم ومقالات المخالفين:
لقد كان شيخ الإسلام بمكان عظيم من العلم والدراية بمذاهب ومقالات الفرق والطوائف، يشهد له بذلك كل من عرف حاله وقرأ كتبه ومصنفاته، وقد ظهر أثر هذه المعرفة الواسعة في مناظرته مع خصومه، حيث كان ﵀ يبين أقوال
(^١) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٣٥٧). (^٢) المصدر السابق (٧/ ١٧٣).
1 / 104