المناظرات العقدية لشيخ الإسلام ابن تيمية
الناشر
الناشر المتميز
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
مكان النشر
دار النصيحة - الرياض
تصانيف
ظهور الحق»؛ وذلك لأن المراد بالمناظرة إظهار الحق مطلقًا سواء لهما أو لأحدهما أو لغيرهما ممن حضر مناظرتهما أو سمعها، فالمقصود إظهار الصواب والحق، وهذا الشرط إنما جعل احترازًا من الجدال الذي لا يراد منه التوصل إلى الحق، وإنما يراد إفحام الخصم وإسكاته، سواء كان حقًا أو باطلًا.
وبتعداد هذه الأمور التي نص عليها أهل الفن مما يجب توافره في المناظرة، يتضح لك أن التعريفات السابقة وإن كانت وافية بغالب المقصود إلا أنه لم يخل شيء منها من قصور في ناحية من النواحي؛ ولذلك فإن التعريف المختار للمناظرة اصطلاحًا هو: المحاورة في الكلام بين جانبين مختلفين، في قضية ما، إظهارًا للحق والصواب.
المطلب الثاني: أركان المناظرة:
يظهر بوضوح مما ذكره أهل العلم في تعريف المناظرة وحدِّها، أن للمناظرة ثلاثة أركان رئيسة لا تقوم إلا بها، وهذه الأركان هي:
الركن الأول: موضوع مختلف فيه، تجري فيه المناظرة.
الركن الثاني والثالث: طرفان متناظران.
أحدهما: مُدع، أو ناقل خبر: ويسمى في علم المناظرة (مانعًا) أو (معللًا).
والآخر: معترض عليه: ويسمى في علم المناظرة (مستدلًا) أو (سائلًا) (^١).
_________
(^١) فإن كان الموضوع (تعريفًا أو تقسيمًا) سُمي المعترِض عليه (مُستدلًا)، وسمي صاحب التعريف أو التقسيم (مانعًا). وإن كان الموضوع (تصْديقًا) - أي قضية منطقية سواء أكانت مصرَّحا بها أو مفهومة من ضمن الكلام- فالمعترِض عليه يسمى (سائلًا)، وصاحب التصديق ومقدِّمه يسمى (مُعلِّلا).
وإنما سمي من يعترض على التعريف (مستدلًا) والآخر (مانعًا)؛ لأن الاعتراض على التعريف لا يتم بالدعوى مجردة، بل لابد لمدعى فساد التعريف من إقامة الدليل على دعواه اختلال شرط من شروط صحته مثلا وبذلك يتجه كونه مستدلا، ويقصدون بتسمية الآخر مانعًا أن جوابه عن الاعتراض على تعريفه يكفي أن يكون بمنع مقدمة من مقدمات دليل البطلان سواء ذكر سندًا لمنعه أو لم يذكره، وبذلك يتجه كونه مانعًا. انظر: ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة (ص:٣٧٦)، وآداب البحث والمناظرة (ص:١٣٩).
1 / 35