المناظرات العقدية لشيخ الإسلام ابن تيمية
الناشر
الناشر المتميز
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
مكان النشر
دار النصيحة - الرياض
تصانيف
البصر أو الفكر ويحتاج في إدراك المعنى إلى الأمرين جميعًا …، وأصل النظر المقابلة فالنظر بالبصر الإقبال نحو .. (^١)، والنظر بالقلب الإقبال بالفكر نحو المفكر فيه» (^٢).
ويؤخذ من كلام ابن فارس والراغب الأصفهاني وأبي هلال العسكري أن النظر يقع على المحسوسات وعلى المعاني، فما كان من المحسوسات فالنظر إليه بالبصر وما كان من المعاني فالنظر فيه بالبصيرة والعقل.
فمن النظر بالبصر قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٣ - ٢٤]، ومن النظر بالبصيرة وهو التفكر والتدبر قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف:١٨٥] ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [يونس:١٠١]
والمناظرة التي نحن بصدد تعريفها ترجع إلى هذين الأصلين فهي مأخوذة من نظر الحس وبصره، حيث ينظر كل منهما إلى صاحبه بعين البصر، ومأخوذة من نظر التفكر والتأمل فينظر كل منها في إلى الأدلة والحجج والأقوال بعين البصيرة، والملاحظ أن المعنى الأخير هو الجانب الأكبر في المناظرة، حيث لا تخلو منه المناظرة ولا تصح دونه بحال؛ ولذلك نجد أن أهل اللغة قد ركزوا في تعريفهم للمناظرة على هذا الجانب، فقال الخليل بن أحمد الفراهيدي (^٣) ﵀ في تعريفه للمناظرة: «أن تناظر أخاك في أمر إذا نظرتما فيه كيف تأتيانه» (^٤). وتبعه على هذا الأزهري (^٥) في
_________
(^١) هكذا في المطبوع، ويبدو أن هناك سقطًا في الكلام، ولعله "الإقبال بالنظر نحو المُبَّصر".
(^٢) الفروق اللغوية للعسكري (ص: ٧٤).
(^٣) هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم الفَرَاهِيدِي، صاحب العربية ومنشئ علم العروض، صنف كتاب الجمل وكتاب الشواهد وكتاب العروض وكتاب العين وكتاب الإيقاع وكتاب النقط والشكل وغير ذلك، (ت: ١٦٠ هـ). انظر: معجم الأدباء (١١/ ٧٢)، السير (٧/ ٤٢٩)، وفيات الأعيان (٢/ ٢٤٤).
(^٤) العين (٨/ ١٥٦).
(^٥) هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي اللغوي الشافعي، اعتنى بالفقه أولًا ثم غلب عليه التفقه في اللغة، له تهذيب اللغة، وغريب الألفاظ، (ت:٣٧٠ هـ). انظر: الوافي بالوفيات (٢/ ٣٤)، البلغة (١/ ٥٩).
1 / 31