نِعَم الَمحلُّ لمن يسعى للذَّتِه ... دَيرٌ لمريمَ فوقَ الظَّهر معمورُ
ظلٌ ظليلٌ وماءٌ غيرُ ذي أسنٍ ... وقاصراتٌ كأمثالِ الدُّمى حُورُ
فقال الواثق: لا نصطبح والله غدًا إلا فيه، وأمر بأن يعدّ فيه ما يصلح من الليل، وباكرناه فاصطبحنا فيه على هذا الصوت، وأمر بمالٍ ففرق على أهل ذلك الدير، وأمر لي بجائزة.
دير مارة مريم بالشام
دير مارة مريم: بالشام، دير قديم من دياراتها.
قال أبو الفرج: حدثنا الحسين بن يحيى، عن حماد بن إسحاق، عن أبيه، قال: نزلنا مع الرشيد بدير مارة مريم، في بعض خرجاته إلى الشام، فرأى منه موضعًا حسنًا، فنشط للشراب، وقال: غنني صوتًا في معنى موضعنا، فغنيته:
نِعمَ المحلُ لمن يسعى لِلذَّته ... ديرٌ لمريمَ فوق النَّهر معمورُ
ظلٌّ ظليلٌ وماءٌ غيرُ ذي أسَنٍ ... وقاصراتٌ كأمثالِ الدُّمى حُورُ
فطرب وشرب.
فقال: أهذا لك؟ قلت: لا، هو لابن محرز، فقال: أنت إذن صدى، تؤدي ما سمعت! قلت: فأنا أصنع فيه لحنًا، فصنعته فيه، وغنيته.
وقال أبو الفرج: ولحن ابن محرز وإسحاق في هذا الشعر، كلاهما من الثقيل الأول.
دير ماسرجبيس
دير ماسرجبيس: بمطيرة سرّ من رأى.
أخبرني عمي قال: حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن المرزبان بن النيروزان قال: حدّثني شيبة بن هشام قال: كان عبد الله بن العبّاس بن الفضل بن الربيع قد علق جاريةً نصرانية، وقد رآها في بعض أعياد النصارى، فكان لا يفارق البيع في أعيادهم شغفًا بها، فخرج في عيد ماسرجيس، فظفر بها في بستان إلى جانب البيعة، وقد كان قبل ذلك يراسلها ويعرفها حبّه لها، فلا تقدر على مواصلته ولا على لقائه إلا على الطريق، فلما ظفر بها التوت عليه، وأبت بعض الإباء، ثم ظهرت له وجلست معه، وأكلوا وشربوا وأقام معها، ومع نسوة كن معها أسبوعًا، ثم انصرفت في يوم خميس، فقال عبد الله بن العباس في ذلك وغنّى فيه:
رُبَّ صهباء من شرابِ المجوسِ ... قَهوةٍ بابليةٍ خَندريسِ
قد تجليتُها بنايٍ وعودٍ ... قبل ضرب الشَّمّاس بالناقوسِ
وغزالٍ مكحلٍ ذي دلالٍ ... ساحر الطَّرفِ سامريّ عروسِ
قد خلونا بطيبه نجتليه ... يوم سبتٍ إلى صباح الخميسِ
بين وردٍ وبين آس جنّيٍ ... وسط بستان دير ماسرجبيسِ
يتثنَّى بحُسن جيد غزالٍ ... ذي صَليبٍ مفضَّضٍ آبنوسِ
كم لثَمتُ الصليبَ في الجيدِ منها ... كهلالٍ مكلّلٍ بشمُوسِ
دير ماسَرْجَس
دير ماسرجس، بإزاء البَرَدان قرب بغداد قال أبو الفرج: ولهذا الرجل عدة ديار، منها دير بإزاء البَردان، في ظهر قرية يقال لها كاذة. حدث حماد بن إسحاق عن عبد الله بن العباس الربيعي، قال: دخلت أنا وأبو النصر البصريّ - مولى بني جمح - بيعة ماسرجس، وقد ركبنا مع المعتصم نتصيد، فوقفت أنظر إلى جارية كنت أهواها، وجعل ينظر إلى صورة في البيعة، فاستحسنها، حتى طال ذلك، ثم أنشدني:
فتنتنا صُورةٌ في بيعةٍ ... فتنَ اللهُ الذي صوّرها
زادها الناقشُ في صُورتها ... فضلَ ملح إنه نضّرها
وجهُها لا شكَّ عندي فتنةٌ ... وكذا هي عند من أبصرها
أنا للقَسّ عليها حاسدٌ ... ليت غيري عبثًا كَسَّرها
قال: فقلت له: شتّان ما نحن: أنا أهوى بشرًا، وأنت تهوى حجرًا! فقال لي: هذا عبثٌ، وأنت في جدّ.
وغنى عبد الله بن العباس في هذا الشعر غناءً حسنًا سمعته منه، ونسب الناس الشعر إليه، لكثرة شعره في امرأة نصرانية كان يهواها.
دير الماطرون
دير الماطرون - ذكر القفطي أنه - الماطرون - بستان بظاهر دمشق يسمّى الميطور.
- يبدو أن مسافة كبيرة تفصل بين الماطرون والميطور بدلالة قول عرقلة الكلبي:
وكم ليلةٍ بالمطارون قطعتُها ... ويوم إلى المَيطور وهو مطيرُ
- اعتبره ابن منير مع داريا في جملة متنزهات دمشق، فقال بعد أن أورد طائفة من المتنزهات المعروفة في عصره:
فالماطرون فداريا فجارتها ... فآبلٍ فمغاني دَير قانونِ
وذكره ابن الرقيات فقال:
أقفرتْ منهم الفراديسُ فالغو ... طةُ ذاتُ القرى وذاتُ الظِّلالِ
فضميرٌ فالماطرون فحورا ... نُ قفارٌ بسابسُ الأطلال
1 / 24