/42/ ومنه: ولا يقال فيما نفى الله عن نفسه من الظلم: اعتذر؛ لأن المعتذر الذي ليس له على ما أضيف إليه شواهد باقية. وقد جوز بعضهم اعتذر على غير ما يفعل من اعتذار الخلق، على التعظيم وإزالة التهمة. فقيل: كذب على الله وأخبر عنه بغير الخلق ما اعتذر (¬1) . ويقال: تبرأ، ولا يقال في موضع تبرأ: طهر نفسه، كما قيل: نزه نفسه.
ومنه: ولا يقال: إنه تعالى مشغول لقوله عز وجل: {كل يوم هو في شأن} (¬2) ؛ لأن المشغول المانع له الشيء من غيره، والله تعالى لا يمنعه كثير ما دبر من أضعافه. ومعنى {كل يوم هو في شأن} قيل: من شأنه أنه يجيب سائلا، ويشفي مريضا، ويغني فقيرا، وما يعرف من طوله وأفضاله. قال المفضل (¬3) : {كل يوم هو في شأن} أي: من أمور خلقه، يخلق واحدا ويميت آخر، ويغني واحدا ويفقر آخر، ويدبر أمر خلقه على ما يرى عز وجل. قال: والشأن في كلام العرب ما قصدت له، يقال: أقبل على شأنك، أي: على ما أنت قاصد له. والله ما شأنت شأنه: أي ما قصدت قصده، قال الشاعر*:
يا طالب الجود إن الجود ... مكرمة ... لا البخل منك ولا من شأنك ... الجود (¬4)
أي: ليس من قصدك الجود.
ومنه: ولا يقال: إن الله في ضيعاته (¬5) ، ولا هذا صناعة الله يراد به صنعته. ولا يقال: يمسه شيء أو يمس هو شيئا. ولا يحل هو في شيء، أو يحل فيه شيء. ولا يعرف هو في شيء قرب المسافة، ولا يقرب منه شيء ذلك القرب. وكذلك في هذا المعنى لا يقال في البعد.
صفحة ٨٤