وجائز أن يوصف [الله] تعالى بأنه يحب ويبغض، ومعنى الوصف له بالمحبة هو معنى الوصف له بالإرادة، ومعنى الوصف له بالبغض هو معنى الوصف له بالكراهة، وذلك أن كل ما كره الله تعالى كونه من العباد فهو مبغض كونه منهم، وكل ما أراد كونه من العباد فقد أحب كونه منهم (¬1) ، وكل من أراد إكرامه من عباده فهو له محب، وإرادته لإكرامه ولتعظيمه /7/ هي محبته لإكرامه ولتعظيمه. وكراهته لإكرامه وتعظيمه هو بغضه لإكرامه وتعظيمه، وهو بغضه له؛ لأنه ليس معنى حب الله للعباد إلا حبه لإكرامهم ولتعظيمهم، وليس بغضه لهم إلا ضد ذلك.
والرضا والمحبة من الله تعالى معناهما أنهما صفة من صفات فعله، وذلك أنه تعالى إذا رضي عن عبده وأحبه أوجب له الجزاء والثواب بفعله المرضي عنه به. وقد حكي عن بعض المفسرين أن قوما زعموا أنه تعالى لا يحب ولا يبغض على الحقيقة؛ لأن الحب عندهم من طبع البشر، ولو كان الأمر على ما قالوا لنفوا عنه تعالى جميع صفاته؛ لأن العلم إنما يكون من الخلق بمعاني معلومة وآيات معروفة، والله تعالى عالم بخلاف تعارف الخلق منهم في العلم. والله تعالى يحب عبده على الإحسان والطاعة على الحقيقة، لا حب طبع ولا لهو ولا مشاكلة.
فصل [معنى أن الله تعالى نور]
صفحة ١١