ولا يقال: إن الله تعالى يهجر المعاصي كما يقال: يكرهها ويسخطها؛ لأن هجراننا الشيء هو الانقطاع عنه وترك الاتصال به، وربما كان ذلك ترك الكلام لمن يهاجره، وتركا لمجالسته ومقاربته، وهذه المعاني لا يجوز على الله تعالى أن يفعلها بالمعاصي. وإنما قيل: إن أفضل الهجرة أن تهجر ما كره الله، فإذا كان أصله في الناس توسعا لم يجز أن يوصف الله تعالى بذلك، إلا بعد أن نجد الناس قد توسعوا في اللغة في صفته تعالى، فأما إذا لم نجد من ذلك في صفاته عز وجل فلا يجوز استعماله إذا كان لا يجب من جهة الحقيقة.
ولا يقال إنه تعالى زكي؛ لأن معناه أنه بلغ حدا لم يكن بلغه قبل ذلك، كالزرع، وهذا لا يجوز عليه تعالى. وإنما قيل للإنسان إنه زكي لأنه بلغ مقدارا بعلمه لم يكن بلغه قبل ذلك.
[وصف الله تعالى بأنه نظيف]
ولا يقال: إنه نظيف؛ لأن النظيف هو المنظف وهو المغسول، وهذا لا يجوز على الله عز وجل.
[وصف الله تعالى بأنه يطيق أن يفعل كذا]
ولا يقال: إنه عز وجل يطيق أن يفعل كذا؛ لأن الطاقة معناها الجهد، وذلك أنه يقول القائل: طقت ذلك جهدي، فلما أن كانت الطاقة استفراغ /35/ الجهد فما يطيقه الإنسان لم يجز أن يوصف عز وجل بذلك، وجاز أن يوصف بغيره الذي معناه أنه قادر.
صفحة ٦٨