فإن قال: أفتزعمون أن قول الله عز وجل: {الله نور السماوات والأرض} (¬1) وقوله: {السلام} وقوله: {الحق}، وقول المسلمين: «عدل وغياث ورجاء» هي أسماء وصفات له؟ قيل له: ليست بأسماء له عز وجل، ولا صفات له، ولكن جعلت مكان أسمائه وصفاته مجازا وتوسعا، إذ كانت تدل على أسمائه وصفاته عز وجل.
فصل [وصفه تعالى بأنه طالب ومدرك]
وجائز أن يوصف تعالى بأنه طالب ومدرك، ومعنى الطالب أنه يطلب من الظالم حق المظلوم؛ لأنه لا يضيع للمظلوم عنده حق. ومعنى المدرك أنه الذي لا يفوته شيء طلبه ولا يعجزه أحد، ولا يمتنع عليه شيء. وليس الوصف له تعالى بأنه مدرك مثل الوصف له بأنه غالب؛ لأن هذا الإدراك إنما هو فعل منه، وهو إنصافه المظلوم من الظالم، والوصف له بأنه غالب إنما هو من صفات الذات؛ لأن معناه أنه قاهر الأشياء مقتدر عليها.
* مسألة [كيف يجوز أنه تعالى طالب وكل شيء في قبضته؟]:
فإن قال قائل: أليست الأشياء كلها في قبضته وسلطانه؟ أوليس هو بها جميعا عالم؟ قيل له: بلى، فإن قال: فكيف يجوز منه الطلب لما هو عارف بمكانه ومقتدر عليه؟ قيل له: هو وإن كان عالما بكل شيء ومقتدرا على كل شيء فقد يسمى أخذه للظالم بحق المظلوم طلبا لحق المظلوم منه؛ لأن هذا يسمى في اللغة منا طلبا وإن كنا مقتدرين على من نطالبه بذلك.
فصل [وصف الله تعالى بأنه راحم]
صفحة ١٦