(ويُخشع إجلالًا له كلُّ ناظرٍ ... ويأبى لخوف الله أن يتكبرا)
(طويلُ نجاد السيفِ مضطمر الحشا ... طراه طراد الجيش حتى تجسرا)
(رِفِلٌّ إذا ما السلمُ رفل ذيله ... وإن شمرت يومًا له الحرب شمرا)
فقال الفضل ما بعد هذا مدح وما أشبه فروع الإحسان بأصوله. ومن المدح القليل النظير قول أمامة بنت الجلاح الكلبية: أخبرنا أبو أحمد أخبرنا أبو الحسن البرمكي أحمد بن جعفر حدثني محمد بن ناجية الرصغاني قال كنت أحد من وقعت عليه التهمة أيام الواقعة بمال مصر فطلبني السلطان طلبًا شديدًا حتى ضاقت علي الأرض برحبها فخرجت إلى البلاد مرتادا رجل عزيزًا منيع الدار أعوذ به وأنزل عليه حتى انتهيت إلى بني شيبان ابن ثعلبة فدفعت إلى بيت مشرف بظهر رابية منيعة وإلى جانبه فرس مربوط ورمح مركوز يلمع سنانه فنزلت عن فرسي وتقدمت فسلمت على أهل الخباء فرد عليه نساء من وراء السجف يرمقنني من خلل الستور بعيون كعيون أخشاف الظباء فقالت إحداهن اطمئن يا حضري فقلت وكيف يطمئن المطلوب أو يأمن المرعوب وقلما ينجو من السلطان طالبه والخوف غالبه دون أن يأوي إلى جبل يعصمه أو معقل يمنعه فقالت يا حضري لقد ترجم لسانك عن قلب صغير وذنب كبير قد نزلت بفناء بيت لا يضام فيه أحد ولا يجوع فيه كبد ما دام لهذا الحي سبد أو لبد هذا بيت الأسود بن قنان إخوانه كلب وأعمامه شيبان صعلوك الحي في ماله وسيدهم في فعاله لا ينازع ولا يدافع له الجوار وموقد النار وطلب الثار وبهذا وصفته أمامة بنت الجلاح الكلبية حيث تقول:
(إذا شئتَ أن تَلقى فَتًى لو وزنته ... بكل معدي وكل يماني)
(وفى بهم حلما وجودا وسؤددا ... وبأس فهذا الأسودُ بنُ قنان)
(فتىً كالفتاة البكر يسفر وجهه ... كأن تلالي وجهه القمرانِ)
(أغر أبر أبني نزار ويعرب ... وأوثقهم عقدا بقول لسان)
1 / 61