والطريق الطويل أشباح موت ... عابسات الوجوه يطلبن ثارا
موحش يحضن الفراغ على الصمت ... كما تحضن الرياح الغبارا
تأكل الشمس ظلها في مواميه ... كما يأكل الغروب النهارا
***
أين يا ليلتي إلى أين أسري ؟ ... والمنايا تهيء الأظفارا
والدجى ها هنا كتاريخ سجان ... وكالحقد في قلوب الأسارى
يتهادى كهودج من خطايا ... حار هادية القفار وحارا
ويهز الرؤى كما هدهد السكير ... سكيره تعاني الخمارا
والرؤى تذكر الصباح المندى ... مثلما يذكر الغريب الديارا
وهي ترنو إلى النجوم كما تر ... نو البغايا إلى عيون السكارى
والأعاصير تركب القمم الحيرى ... كما يركب الجبان الفرارا
***
إليه ، يا ليلتي وما أكبر الأخطا ... ر قالت : لا تحتسبها كبارا !
قال من الوجود أقوى من الأخطا ... ر ؟ قالت : من يركب الأخطارا !
وتهادى يرجو المفاز وتغشى ... دربه غمرة فيخشى العثارا
قلق بعضه يحاذر بعضا ... ويداه تخشى اليمين اليسارا
حائرا كالظنون في زحمة الشك ... وكالليل في عيون الحيارى
***
ولوى جيده فأومى إليه ... قبس شع لحظة وتوارى
فرأى في بقية النور شخصا ... كان يعتاده صديقا وجارا
قدماه بين التعثر والوحل ... ودعواه تقطف الأقمارا
فتدانى من جاره ورآه ... مثلما ينظر الفقير النضارا
ودعاه إلى المسير فألوى ... رأسه وانحنى يطيل الإزارا
وثنى عطفه وضج وأرغى ... وتعالى ضجيجة وأشارا
فانحنى جاره وقال : أجنبي ... هل ترى صحبتي شنارا وعارا
أنت مثلي معذب فكلانا ... صورة للهوان تخزي الإطارا
فاطرح بهرج الخداع ومزق ... عن محياك وجهك المستعارا
كلنا في الضياع والتيه فانهض : ... ويدي في يدك نرفع منارا
قال : أين الهوان ؟ فاذكر أبانا ... إنه كان فارسا لا يجارى
إننا لم نهن وأجدادنا الفرسان ... كانوا ملء الزمان فخارا
إننا لم نهن أما كان جدانا ... الحسيبان " حميرا " و" نزارا "
***
صفحة ٦٨