مباحث العقيدة في سورة الزمر

ناصر بن علي عائض حسن الشيخ ت. غير معلوم
110

مباحث العقيدة في سورة الزمر

الناشر

مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥هـ/١٩٩٥م

تصانيف

ويدل اسمه "الرحيم" على أنه - تعالى - يرحم خلقه برحمته ويتجاوز عن سيئاتهم مهما بلغت صغرت أم كبرت إذا أتوا بأسباب التوبة وصدقت رغبتهم في طلبها. وأما اسمه - تعالى - " الغفور" فمعناه هو الكثير المغفرة وأن المغفرة ستر الذنوب والتجاوز عنها، والعفو عن مغترفيها وصونهم من أن يمسهم العذاب بسببها وإلباسهم العفو عن خطيئاتهم، فالله ﷾ "غفور" أي كثير الستر لذنوب عباده المؤمنين عظيم التجاوز عنهم. وقد دلت سورة - "الزُمَرْ" على إثبات صفتي الرحمة والمغفرة - للرب ﷻ في آيتين منها: قال تعالى: ﴿أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ . وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ . فهاتان الآيتان من السورة تضمنتا إثبات صفتي الرحمة والمغفرة - للبارئ جل وعلا - وقد أمر الله نبيه في الآية الثانية من هاتين الآيتين أن يبلغ عباده المؤمنين أن لا ييأسوا من مغفرته فإنه - سبحانه - يغفر الذنوب جميعًا مهما أسرفوا على أنفسهم وأفرطوا ما عدا الإشراك بالله - سبحانه - فإنه لا يغفره إلا بالتوبة منه بالدخول في دين الله الحق فهو - سبحانه - ذو مغفرة عظيمة ورحمة واسعة للمقبلين عليه المنيبين إليه، والمنقادين له انقيادًا تامًا ظاهرًا وباطنًا عن طواعية ورضى. قال ابن جرير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ...﴾ الآية. اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية. فقال بعضهم: عنى بها قوم من أهل الشرك قالوا: لما دعوا إلى الإيمان بالله كيف نؤمن، وقد أشركنا وقتلنا النفس التي حرم الله والله - يعد - فاعل ذلك النار فما ينفعنا مع ما قد سلف منا الإيمان فنزلت هذه الآية والذين قالوا: بهذا القول هم عبد الله بن عباس

1 / 119