كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية
تصانيف
قال: ثم نزلت هذه الآية في كفار مكة، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كتب وحشي غلام جبير بن مطعم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة إني قد أشركت, وزنيت, وقتلت, وكان قتل حمزة بن عبد المطلب يوم أحد، قال: فهل لي من توبة ؟ فنزلت فيه فاستثنى { إلا من تاب } يعني: من الشرك { وآمن } يعني: وصدق بتوحيد الله والإقرار بما جاء من الله بالطاعة { وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله }يعني: يحول الله { سيئاتهم حسنات } يعني: يبدلهم مكان الشرك الإسلام, ومكان القتل الكف, ومكان الزنا العفاف والتوبة { وكان الله غفورا } يعني: ما كان في الشرك { رحيما } بهم في الإسلام .
قال: فأسلم وحشي, وهاجر إلى المدينة, فقال للنبي من كان بمكة من الكفار: كلنا قد عملنا عمل وحشي, وقد قبل الله توبته ولم ينزل فينا شيئا فنزل في كفار مكة { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } (الزمر:53) يعني: بالإسراف [في] الذنوب العظام , الشرك بالله والقتل والزنا وغير ذلك جميعا { لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا } يعني: هذه الخصال الثلاث وغيرها من الذنوب لمن تاب منها { إنه هو الغفور } للذنوب العظام ,وغيرها من جميع الذنوب { الرحيم } بهم في الإسلام إذا تابوا منها وندموا وأطاعوا فيما أمروا به, وما نهوا عنه .
فهذا أمر مشرك قتل, وفعل هذه الأشياء في شركه فإن مات في شركه دخل النار, وإن تاب وأسلم فلا يؤاخذه الله بما عمل في الشرك , ولا يؤاخذه في الدنيا ولا في الآخرة, إذا خرج من الدنيا مخلصا مؤمنا .
وأما الذي يسلم ثم يشرك فله أمر آخر .
تفسير من يسلم ثم يشرك ثم يقتل ويأخذ الأموال :
قوله في السورة التي يذكر فيها المائدة (الآية:33، 34):
صفحة ٩٢