وبعد فإتماما للفائدة، قد ألحقنا هذا البحث القيم الخاص بموقف الإسلام من الأديان الأخرى بهذا الكتاب، وكان قد أعده المرحوم الدكتور محمد عبد الله دراز لإلقائه في الندوة العالمية للأديان التي عقدت ب «لاهور» بباكستان وذلك في جمادى الآخرة سنة 1377ه/يناير سنة 1958م. (1) موقف الإسلام من الأديان الأخرى، وعلاقته بها
إذا أخذنا كلمة «الإسلام» بمعناها القرآني نجدها لا تدع مجالا لهذا السؤال عن العلاقة بين الإسلام وبين سائر الأديان السماوية، فالإسلام في لغة القرآن ليس اسما لدين خاص، وإنما هو اسم للدين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء وانتسب إليه كل أتباع الأنبياء، هكذا نرى نوحا يقول لقومه:
وأمرت أن أكون من المسلمين (سورة يونس، الآية: 72)، ويعقوب يوصي بنيه:
فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (سورة البقرة، الآية: 132)، وأبناء يعقوب يجيبون أباهم:
نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون (سورة البقرة، الآية: 133)، وموسى يقول لقومه:
إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين (سورة يونس، الآية: 84)، والحواريون يقولون لعيسى:
آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون (سورة آل عمران: 52)، بل إن فريقا من أهل الكتاب حين سمعوا القرآن:
قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين (سورة القصص: 53).
وبالجملة نرى اسم الإسلام شعارا عاما يدور في القرآن على ألسنة الأنبياء وأتباعهم منذ أقدم العصور التاريخية إلى عصر النبوة المحمدية، ثم نرى القرآن يجمع هذه القضايا كلها في قضية واحدة يوجهها إلى قوم محمد
صلى الله عليه وسلم ، ويبين لهم فيها أنه لم يشرع لهم دينا جديدا، وإنما هو دين الأنبياء من قبلهم:
صفحة غير معروفة