140

الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

وجائزٌ أن تكون المرأةُ اليهودية بجهلها فعلتْ ذلك ظنًا منها بأن ذلك يعمل في الأجساد، وقصدتْ به النبي ﷺ ; فأطلعَ اللهُ نبيه على موضع سرها، وأظهر جهلها فيما ارتكبتْ وظنتْ؛ ليكون ذلك من دلائل نبوته، لا أنَّ ذلك ضَرَّهُ وخلَّطَ عليه أمره، ولم يقل كلُ الرواةِ إنه اختلط عليه أمره، وإنما هذا اللفظ زِيدَ في الحديث، ولا أصل له". اهـ (١) ومجمل حجة هؤلاء أنَّ القول بأن النبي ﷺ سُحِر يلزم منه: ١ - إبطال معجزات الأنبياء ﵈ والقدح فيها. ٢ - ويلزم منه الخلط بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة. ٣ - ويلزم منه أن يكون تصديقًا لقول الكفار: (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا) [الفرقان: ٨]، وقال قوم صالح له: (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) [الشعراء: ١٥٣]، وكذا قال قوم شعيب له. ٤ - قالوا: والأنبياء لا يجوز عليهم أن يُسحروا؛ لأن ذلك ينافي حماية الله لهم وعصمتهم. (٢) وأجابوا عن حديث عائشة ﵂ والذي فيه أنَّ النبي ﷺ سُحِر - بأنه مما تفرد به هشام بن عروة (٣)، عن أبيه، عن عائشة. وأنه غَلَطَ فيه، واشتبه عليه الأمر. (٤) واعتُرِضَ: ١ - بأنَّ قوله تعالى: (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا)، وقوله: (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) المراد به: من سُحر حتى جُنَّ وصار كالمجنون الذي زال عقله؛ إذ المسحور الذي لا يُتبع هو من فسد عقله بحيث لا يَدْري ما يقول، فهو كالمجنون، ولهذا قالوا فيه: (مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) [الدخان: ١٤]، وأما من أصيب في بدنه بمرض من الأمراض التي يُصاب بها الناس؛ فإنه لا يمنع ذلك من

(١) أحكام القرآن، للجصاص (١/ ٥٨ - ٥٩). (٢) انظر: أحكام القرآن، للجصاص (١/ ٥٩)، ومفاتيح الغيب، للرازي (٣٢/ ١٧٢)، وبدائع الفوائد، لابن القيم (٢/ ١٩١). (٣) هو: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، الإمام الثقة، شيخ الإسلام، أبو المنذر القرشي الأسدي الزبيري المدني، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا كثير الحديث حجة. وقال أبو حاتم الرازي: ثقة إمام في الحديث. وقال يحيى بن معين وجماعة: ثقة. (ت: ١٤٦ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (٦/ ٣٤). (٤) انظر: بدائع الفوائد، لابن القيم (٢/ ١٩١).

1 / 147