ذكريات لا مذكرات

ثروت أباظة ت. 1423 هجري
41

ذكريات لا مذكرات

تصانيف

تحنو علي وترعى غيبتي أبدا

على الليالي بنات العم والخال

يرضين علمي وجهلي لا يضقن به

ذرعا ويحمدن إكثاري وإقلالي

ويغتبطن بإجمال يشدن به

وقد يكون ضئيلا شأن إجمالي

لزلتما تشهدان العيش متسقا

والدهر في حدب منه وإقبال

وقد ظلت هذه العلاقة عائلية، وكنا نحن الأبناء نتسامع بشعر عمنا عزيز، ولكن لم يكن له عمل شعري متكامل، وكان تصورنا أنه مجرد هاو يقول الشعر في المناسبات العائلية الظريفة يحيي بها أقاربه، حتى فجعه الدهر، وفجعنا جميعا بوفاة السيدة زوجته التي عاشت ما عاشت من عمر شعاعا من نور وحب على كل أقربائها. ما اختلفت يوما مع أحد، ولم نسمع عنها نحن الذين في عمر أبنائها إلا المديح والثناء، ومثلنا نحن الأطفال يسمع ما لا يسمعه الكبار، فالسيدات لا يتحرجن أن يذكرن غيرهن بصراحة أمامنا، وأشهد الله ما رأيت من هذه السيدة إلا سماحة في اللقاء، وإشراقا في التحية وترحيبا في الاستقبال. وما سمعت عنها من سيدة في الأسرة إلا ما يجعلها في مرتبة رفيعة من الإنسانية، فكأنما كانت بينهن ملاكا لا يصنع إلا النور، ولا يشيع إلا الرضا والإيناس والطمأنينة.

وتفجر ينبوع الشعر في إهداء زوجها الشاعر الأصيل الذي كان قبل وفاتها لا يجد ما يقول فيه، وشاء القدر أن يكون الألم المرير والفجيعة القاصمة وشجرته التي اجتاحها القدر هي التفجير لموهبته الشامخة، فكان ديوانه الأول أنات حائرة الذي أصعده شهابا في سماء الشعر العربي دون أي تمهيد عند من لا يعرفونه، ثم كان بعد ذلك عزيز أباظة ثاني اثنين في ميدان المسرح الشعري، وآخر العمالقة في جيل شوقي وحافظ ومطران.

صفحة غير معروفة