أدبه.
ومن هذا القبيل ما وقع ما وقع في عصرنا لعوض بيك الأسعد رحمه الله تعالى أنه حين بدا تغير إبراهيم باشا سر عسكر الدولة المصرية على بكوات عكا وكان جالسا على دكان في سوق العقادين من طرابلس الشام وكان أحد أمراء الآلايات جالسا على دكان يقابله فكتب له أمير الآلاي يهدده ضمنا بقول عنترة من قصيدة وأرسل يقول له أنظر خطي وهو:
لي النفوس وللطير اللحوم ولل ... وحش العظام وللخيالة السلب
فأجابه بقوله من القصيدة بعينها وأرسل يقول له أنظر خط من أحسن:
إن كنت تعلم يا نعمان أن يدي ... قصيرة عنك فالأحوال تنقلب
وكتب العلامة زين الدين بن الوردي إلى قاضي القضاة الكمال البازري وقد كان عزله من منصب القضاء وولى أخاه:
حملتني وأخي تباريح البلا ... وتركتنا ضدين مختلفين
أيا حي عالم عصرنا وزماننا ... ألك التصرف في دم الأخوين
فأجابه بقوله:
يا عمر أنزجر عن مثل هذا ... فأحمد بالولاية مطمئن
فإن يك فيك معرفة وعدل ... فأحمد فيه معرفة ووزن
قال صاحب التالد والطريف وأذكر لك هنا حكاية لطيفة فيها لفظ أمرع من كلام الخصيب أبي محمد أغرب فيه وأبدع كنت أقرأ عليه زمن الحداثة فذكر له أنني أزن الشعر فأخبرني بكلام هذا نصه أدام الله عزك أن بيني وبينك ما شددت عليه من بعد ذلك راحتي وبحق ذا كم علينا فأعلموا من ود أمرع والحمد لله وقال لي أخرج من هذا الكلام بيتين تامين فقلت له هذا الشعر من بحر الوافر وآخر البيت الأول حرف العين من بعد وآخره أمرع فقال أحسنت انتهى.
وذكر ابن خلكان في تاريخه أنه كان بين الملك العادل نور الدين وبين أبي الحسن سنان صاحب قلاع الأسماعيلية ومقدم الفرق الباطنية مكاتبات ومحاورات فكتب إليه نور الدين كتابا يهدده فيه ويتوعده بسبب اقتضى ذلك فشق على سنان فكتب جوابه نثرا وأبياتا منها:
يا ذا الذي بقراع السيف هددني ... لا قام مصرع جنبي حين تصرعه
قام الحمام إلى البازي يهدده ... وأستيقظت لأسود البر أضبعه
وقفنا على تفصيله وجمله وعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن فيل وبعوضة تعض في التماثيل ولقد قالها من قبلك قوم آخرون فدمنا عليهم وما كان لهم ناصرون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وهي عجيبة طويلة
صفحة ٢٧٣