يدك ففعلت فمشى قليلا ثم قال افتحي عينيك ففتحتهما فإذا أنا بشاطىء دجلة فقال أمضي إلى تلك الزاوية واقرئي الشيخ مني السلام وقولي له إن أخاك الخضر يسلم عليك قال فأدخلها الشيخ إلى جواره وقال تعبدي ههنا فكانت أعبد أهل زمانها تصوم النهار وتقوم الليل حتى نحل جسمها وتغير لونها فمرضت مرض الموت وأشرفت على الوفاة ومع ذلك لم يرها الشيخ فقالت قولوا للشيخ يدخل علي قبل الموت فلما بلغ الشيخ ذلك دخل عليها فلما رأته بكت فقال لها لا تبكي فإن اجتماعنا غدا في القيامة في دار الكرامة ثم انتقلت إلى رحمة الله تعالى فلم يلبث الشيخ بعدها إلا أياما قلائل حتى مات رحمة الله تعالى عليه قال الشبلي فرأيته في المنام وقد تزوج بسبعين حوراء وأول ما تزوج بالجارية وهما مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
فليتأمل العاقل في ذلك ولا يرى له فضلا على أحد من خلق الله تعالى فهو الفاعل المختار يعطي من يشاء ويمنع فالكل منه وإليه.
موعظة قيل عشش ورشان في شجرة في دار رجل فلما همت أفراخه بالطيران زينت امرأة ذلك الرجل له أخذ أفراخ ذلك الورشان ففعل ذلك مرارا وكلما خرج الورشان أخذ أفراخه فشكا الورشان ذلك إلى سليمان عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله أردت أن يكون لي أولاد يذكرون الله تعالى من بعدي فأخذها الرجل بأمر امرأته ثم أعاد الورشان الشكوى فقال سليمان لشيطانين إذا رأيتماه يصعد الشجرة فشقاه نصفين فلما أراد الرجل أن يصعد الشجرة أعترضه سائل فأطعمه كسرة من خبز شعير ثم سعد وأخذ الأفراخ على عادته فشكا الورشان ذلك إلى سليمان عليه الصلاة والسلام فقال للشيطانين ألم تفعلا ما أمرتكما به فقالا اعترضنا ملكان فطرحانا في الخافقين.
وكان الحسن بن صالح إذا جاءه سائل فإن كان عنده ذهب أو فضة أو طعام أعطاه فإن لم يكن عنده من ذلك شيء أعطاه دهنا أو غيره مما ينتفع به فإن لم يكن عنده شيء أعطاه كحلا أو أخرج إبرة وخيطا فرقع بهما ثوب السائل.
وحكي أن رجلا جلس يوما يأكل هو وزوجته وبين أيديهما دجاجة مشوية فوقف سائل ببابه فخرج إليه وانتهره فذهب فاتفق بعد ذلك أن الرجل افتقر وزالت نعمته وطلق زوجته وتزوجت بعده برجل آخر فجلس يأكل معها في بعض الأيام وبين
صفحة ٢٧٠