وفي الفضل يقول القائل:
سألت الندى والجود مالي أراكما ... تبدلتما عزا بذل مؤبد
وما بال ركن المجد أمسى مهدما ... فقالا أصبنا بابن يحيى محمد
فقلت فهلا متما بعد موته ... وقد كنتما عبديه في كل مشهد
فقالا أقمنا كي نعزي بفقده ... مسافة يوم ثم نتلوه في غد
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم الله تعالى وجهه: من كانت له إلي حاجة فليرفعها إلي في كتاب لأصون وجهه عن المسئلة.
وجاءه رضي الله تعالى عنه أعرابي فقال له يا أمير المؤمنين إن لي حاجة إليك يمنعني الحياء أن أذكرها فقال خطها في الأرض فكتب إني فقير فقال يا قنبر أكسه حلتي فقال الأعرابي:
كستوتني حلة تبلى محاسنها ... فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا
إيه أبا حسن قد نلت مكرمة ... ولست تبغي بما قدمته بدلا
إن الثناء ليحيي ذكر صاحبه ... كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في عرف بدأت به ... كل أمرىء سوف يجزي بالذي فعلا
فقال يا قنبر زده مائة دينار فقال يا أمير المؤمنين لو فرقتها في المسلمين لأصلحت بها من شأنهم فقال رضي الله تعالى عنه صه يا قنبر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اشكروا لمن أثنى عليكم وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
وسئل اسحق الموصلي عن المخلوع فقال كان أمره كله عجبا كان لا يبالي أين يقعد مع جلسائه وكان عطاؤه عطاء من لا يخاف الفقر كان عنده سليمان بن أبي جعفر يوما فأراد الرجوع إلى أهله فقال له سفر البر أحب إليك أم سفر البحر قال البحر ألين علي فقال أوقروا له زورقه ذهبا وأمر له بألف ألف درهم.
وشكا سعيد بن عمرو بن عثمان بن عفان موسى بن شهوان إلى سليمان بن عبد الملك وقال قد هجاني يا أمير المؤمنين فاستحضره سليمان وقال لا أم لك تهجو سعيدا قال يا أمير المؤمنين أخبرك الخبر عشقت جارية مدنية وأتيت سعيدا فقلت إني أحب هذه الجارية وإن مولاتها أعطيت فيها مائتي دينار وقد أتيتك فقال لي بورك فيك قال فأتيت يا أمير المؤمنين سعيد بن خالد فذكرت له حالي فقال يا جارية هاتي مطرفا فأتته بمطرف خز فصر لي في زاويته مائتي دينار فخرجت وأنا أقول:
أبا خالد أعني سعيد بن خالد ... أخا العرف لا أعني ابن بنت سعيد
ولكنني أعني ابن عائشة الذي ... أبو أبويه خالد بن أسيد
عقيد الندى ما عاش يرضى به الندى ... فإن مات لم يرض الندى بعقيد
صفحة ٢٤٤