فقلت لها: إن معي طعام فهل لك في الأكل قالت ثم أتموا الصيام إلى الليل فقلت قد أبيح لنا الإفطار في السفر قالت وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون لم لا تكلميني مثل ما أكلمك قالت: ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد فقلت فمن أي الناس أنت قالت ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا فقلت قد أخطأت فاجعليني في حل قالت لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم فقلت فهل لك أن أحملك على ناقتي فتدركي القافلة قالت وما تفعلوا من خير يعلمه الله قال فأنخت الناقة قالت قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم فغضضت بصري عنها وقلت لها اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها فقالت وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم فقلت لها اصبري قالت سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون قال فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح فقالت واقصد في مشيك واغضض من صوتك فجعلت أمشي رويدا رويدا وأترنم بالشعر فقالت فاقرأوا ما تيسر من القرآن فقلت لها لقد أوتيت خيرا كثيرا قالت وما يذكر إلا أولوا الألباب فلما مشيت بها قليلا قلت ألك زوج قالت يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم فسكت ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة فقلت لها هذه القافلة فمن لك فيها فقالت المال والبنون زينة الحياة الدنيا فعلمت أن لها أولادا فقلت وما شأنهم في الحج قالت وعلامات وبالنجم هم يهتدون فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت القباب والعمارات فقلت هذه القباب فمن لك فيها قالت واتخذ الله إبراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما يا يحيى خذ الكتاب بقوة فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد اقبلوا فلما استقر بهم الجلوس قالت فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي فقالت كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية فقلت الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمرها فقالوا هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن فسبحان القادر على ما يشاء فقلت ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
قيل إن معن بن زائدة دخل على المنصور فقال له هيه يا معن تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف درهم على قوله:
معن بن زائدة الذي زادت به ... شرفا على شرف بنو شيبان
صفحة ٢٣٥