بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي أما بعد حمد الله سبحانه والثناء عليه، أهل الحمد والثناء، المفرد بالوحدانية والبقاء الذي لا يحيط به مكان، ولا يغيره زمان، لا إله إلا هو مبدع المكان وموجده، ومحدث الزمان ومنفده، خالق الخلق أطوارا، وجاعل الظلمة والضياء ليلا ونهارا، كتب على الخلائق تقلب الأحوال لأنه لا يحول، وقضى على الأزمنة حكم الزوال لأنه لا يزول. والصلاة على رسوله محمد الذي بعثه بالرسالة، وهدى به من الضلالة، وأنفذ بمعرفته من الجهالة، ودل على نبوته بأفضل الدلالة، واختاره من أشرف البلاد وطنا ودارا، واصطفاه من أكرم العباد حسبا ونجارا، حيث المشعر الحرام والمعشر الكرام، وجعله آخر الأنبياء بعثا فى الدنيا إلى العباد، وأولهم بعثا إلى المعاد، وجعلنا من أمته الذين جعلهم أمة وسطا، وأبان لهم من الإسلام منهجا جددا، ووفقهم فى الدين فتحروا رشدا. فقولهم سديد، وفعلهم رشيد، وهم شهداء على الناس والرسول عليهم شهيد، وعلى آله الذين سبقوا إلى مصاحبته وسعدوا بمرافقته، [3] وشرفوا بمتابعته فى هجرته، وكرموا بإيوائه ونصرته، فهم معالم الهدى، ومصابيح الدجى [1] ، كدرارى النجوم تهدى الساري بنورها، وتقى الغاوي من فتنة الدنيا وغرورها.
والدعاء لخليفته الإمام المقتدى بأمر الله أمير المؤمنين صاحب العصر المؤيد بالنصر المختار من شجرة طيبة للشرف [2] والعلاء، «أصلها ثابت وفرعها في السماء» 14: 24 [3] شربت من ماء النبوة الطاهرة عيدانها، وتفرعت بالخلافة الظاهرة أفنانها. كما قال جده العباس لبعض أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين: كان رسول الله دوحة نحن أغصانها وأنتم جيرانها، وهو المنصب العظيم، من المحتد الصميم، والبيت الكريم، الذي أول درجاته النبوة والكرامة، وثانيهما [4] الخلافة والإمامة. ولا ثالث لها بعد ذلك إلى القيامة.
توارثها إمام عن امام. وقام بها أمير المؤمنين المقتدى بأمر الله خير قيام.
إن الذي رفع السماء بنى لهم ... بيتا دعائمه أعز وأطول [5]
شد الله عضده بذخر الدين، وولى عهده فى المسلمين، وباخوته الغر الميامين، وجعلها كلمة باقية فى عقبه إلى يوم الدين، [4] وأيد دولته بجلالها الذاب عن حماها، المناضل عن علاها، جمال الملة مغيث الأمة معز الدنيا والدين يمين أمير المؤمنين الملك العادل المحبب إلى القلوب، والركن الشديد المعد لدفع الخطوب، ودبر ملكه بنظامه المبارك فى أيامه، قوام الدين رضى
صفحة ٨