بين عينيه، وقال: سررتني فداك (1) أبوك، لقد سررتني - والله - يا بني بجهادك بين يدي (2)، فما يبكيك؟ أفرح أم جزع؟
فقال: كيف لا أبكي وقد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني الله تعالى، وكلما رجعت إليك لتمهلني عن الحرب (3) فما أمهلتني، وهذان أخواي الحسن والحسين عليهما السلام ما تأمرهما بشي؟
فقبل عليه السلام رأسه وقال: يا بني، أنت ابني، وهذان ابنا (4) رسول الله صلى الله عليه وآله أفلا أصونهما عن القتل (5)؟
قال: بلى، يا أبتاه، جعلني الله فداك وفداهما (6).
وإذا كان ذلك رأيه فكيف يخرج عن طاعته، ويعدل عن الاسلام بمخالفته مع علم محمد بن الحنفية أن زين العابدين عليه السلام ولي الدم، وصاحب الثأر، والمطالب بدماء (7) الأبرار، فنه المختار نهوض الملك المطاع، ومد إلى أعداء يدا طويلة الباع، فهشم عظاما تغذت بالفجور، وقطع أعضاء نشأت على الخمور ، وجاز (8) إلى فضيلة لم يرق إلى شعاف (9) شرفها عربي ولا أعجمي، وأحرز منقبة
صفحة ٥٧