قُلُوبهم زيغ وَهَذَا تنَاقض
الثَّالِث أَن الْآيَة تدل على أَن النَّاس قِسْمَانِ لِأَنَّهُ قَالَ ﴿فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ﴾ وَأما لتفصيل الْجمل فَهِيَ دَالَّة على تَفْصِيل فصلين أَحدهمَا الزائغون المتبعون للمتشابه وَالثَّانِي الراسخون فِي الْعلم وَيجب أَن يكون كل قسم مُخَالفا للْآخر فِيمَا وصف بِهِ فَيلْزم حِينَئِذٍ أَن يكون الراسخون مخالفين للزائغين فِي ترك اتِّبَاع الْمُتَشَابه مفوضين إِلَى الله تَعَالَى بقَوْلهمْ ﴿آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا﴾ تاركين لابتغاء تَأْوِيله وعَلى قَوْلنَا يَسْتَقِيم هَذَا الْمَعْنى وَمن عطف الراسخين فِي الْعلم أخل بِهَذَا الْمَعْنى وَلم يَجْعَل الراسخين قسما آخر وَلَا مخالفين للقسم المذموم فِيمَا وصفوا بِهِ فَلَا يَصح
الرَّابِع أَنه لَو أَرَادَ الْعَطف لقَالَ وَيَقُولُونَ بِالْوَاو لِأَن التَّقْدِير والراسخون فِي الْعلم يعلمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ
الْخَامِس أَن قَوْلهم ﴿آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا﴾ كَلَام يشْعر بالتفويض وَالتَّسْلِيم لما لم يعلموه لعلمهم بِأَنَّهُ من عِنْد رَبهم كَمَا أَن الْمُحكم الْمَعْلُوم مَعْنَاهُ من عِنْده
السَّادِس أَن الصَّحَابَة ﵃ كَانُوا إِذا رَأَوْا من يتبع الْمُتَشَابه وَيسْأل عَنهُ استدلوا على أَنه من أهل الزيغ وَلذَلِك عد عمر صبيغا من الزائغين حَتَّى اسْتحلَّ ضربه وحبسه وَأمر النَّاس بمجانبته ثمَّ أَقرَأ صبيغ بعد بِصدق عمر فِي فراسته فَتَابَ وأقلع وانتفع وعصم بذلك من الْخُرُوج مَعَ الْخَوَارِج وَلَو كَانَ مَعْلُوما للراسخين لم يجز ذَلِك
السَّابِع أَنه لَو كَانَ مَعْلُوما للراسخين لوَجَبَ أَن لَا يُعلمهُ غَيرهم لِأَن الله تَعَالَى نفى علمه عَن غَيرهم فَلَا يجوز حِينَئِذٍ أَن يتَنَاوَل إِلَّا من
1 / 38