الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة
محقق
إحسان عباس
الناشر
الدار العربية للكتاب
مكان النشر
ليبيا - تونس
المكاره، قريب المكانة، رفيع الدرجة، مصدرا في أهل النصيحة والثقة؛ خلا أنه حدث بينك وبين الحاجب ما لم يزل يحدث بين القواد والعمال على قديم الزمان مما لم يبلغ أن يخرج ذا الرأي الأصيل عن طبقته، ولا يجاوز أن يزيد المحنق على المحك في خصومته، والله عليم أن أمير المؤمنين لم يبخسك في تلك الهبات حظا، ولا أولاك إعراضا، ولقد اعتنى بمصلحتك، وعزم على إزاحة علتك، حتى يتهيأ من ذلك ما يفي بأملك لو انتظرته، واستقام فيه ما يزيد على طلبتك لو صبرت عليه، ولك في القدر المقدور فسحة، وفي القضاء المحتوم مندوحة؛ ولن تضيق بك السبيل عند أمير المؤمنين، وأنت بين طاعة سالفة، واستقامة موروثة، وبين إنابة منتظرة، وتوبة متقبلة، فإحدى الحالتين تحط الذنوب الكبيرة، وتغطي على العيوب الكثيرة؛ فالآن - عصمك الله - واللبب رخي، والمركب وطي، وبابك إلى رضى أمير المؤمنين مفتوح، وسبيلك إلى حسن رأيه سهل، ولا يذهب بك اللجاج إلى عار الدنيا ونار الآخرة - إياك ومصارع الناكثين، وحذار موارط الغادرين.
وله من أخرى عن سليمان إلى جماعة العبيد:
إن الله تعالى قسم لأهل بيتنا بني أمية من السلطان الموصول لهم بخلافة النبوة ما حازه لهم دون سائر قريش، وسراة رجالها وافرة، وبيوت شرفها عامرة، فكان أول من أجمع عليه خيار الصحابة بالشورى والاختيار عثمان بن عفان أمير المؤمنين ذو النورين، وصهره عليه
1 / 109