الذخيرة
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
بيروت
الْوَسِيلَة الثَّانِيَة المَاء وَهُوَ إِمَّا مُطَهِّرٌ أَوْ مُنَجِّسٌ أَوْ لَا مُطَهِّرٌ وَلَا مُنَجِّسٌ أَوْ مُخْتَلِطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُطَهِّرُ وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنَ السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ أَوِ الْبَحْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طهُورا﴾ وَقَوله ﴿ليطهركم بِهِ﴾ وَقَوْلِهِ ﵇ فِي الْمُوَطَّأِ لَمَّا سَأَلَهُ رَجُلٌ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا مِنْهُ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ قَالَ ﵇ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ. قَاعِدَةٌ فَعُولٌ عِنْدَ الْعَرَبِ يَكُونُ صِفَةً نَحْوَ غَفُورٍ وَشَكُورٍ وَيَكُونُ لِلَّذِي يُفْعَلُ بِهِ الْفِعْلُ نَحْوَ الْحَنُوطِ وَالسَّحُورِ والبخور لما يتحنط بِهِ ويتسحر بِهِ ويبتخر بِهِ فَالطَّهُورُ عِنْدَنَا لِلَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ مُتَعَدٍّ خلافًا ح فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ طَاهِرٌ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ كَوْنُهُ سَبَبَ الطَّهَارَةِ عِنْدَنَا فَيَنْحَصِرُ الْمُطَهِّرُ فِيهِ بِسَبَبِ تَخْصِيصِ الشَّرْعِ لَهُ بِالذِّكْرِ وَمَنْعِ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَاب وَلَو سلم الْمَنْع هَهُنَا لكَونه ذرع الْجَامِع الَّذِي هُوَ عِلّة فِي الأَصْل وَالْأَصْل هَهُنَا لَيْسَ مُعَلِّلًا لِوُجُوبِ تَطْهِيرِ مَا هُوَ فِي غَايَةِ النَّظَافَةِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ النَّبِيذِ وَغَيْرِهِ عَنْ مَقَامِ التَّطْهِيرِ أَوْ لَيْسَ سَبَبًا فَيُشَارِكُهُ فِي الطَّاهِرِيَّةِ غَيْرُهُ فَلَا يَخْتَصُّ التَّطْهِيرُ بِهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿ليطهركم بِهِ﴾ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرُوهُ لَمَا صَحَّ جَوَابُهُ ﵇ فِي مَاءِ الْبَحْرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَلَبَطَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﵇ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا لِأَنَّ طَهَارَةَ التُّرَابِ لَمْ تَخْتَصَّ بِهِ ﵇ وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتصَّ بِهِ المطهر بِهِ.
1 / 168