* قرأت على أبي الغنايم محمد بن علي القاضي عن القاضي أبي الفرج الجزيري، حدثنا أبو نصر العقيلي أخبرنا أبو القاسم البوشنجاني قال: قال الحسن بن عبد الجبار المعروف بالغرق: بينا المأمون في بعض مغازيه يسير منفردا عن أصحابه ومعه عجيف بن عنبة إذ طلع رجل متخبط متكفن، فلما عاينه المأمون وقف ثم التفت إلى عجيف فقال: ويحك أما ترى صاحب الكفن مقبلا يريدني. فقال له أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، قال: فما كذب الرجل أن وقف على المأمون فقال له المأمون: من أردت يا صاحب الكفن وإلى من قصدت؟ قال: إياك أردت. قال عرفتني؟ قال: لو لم أعرفك ما قصدتك قال: أفسلمت علي؟ قال: ما أرى السلام عليك. قال: ولم؟ قال لإفسادك علينا الغزاة. قال عجيف: فأنا ألين. من سيفي لئلا أبطئ ضرب عنقه إذ التفت المأمون فقال: يا عجيف إنني جائع ولا رأي لجائع، فخذه إليك حتى أتغدى وأدعو به فقال فتناوله عجيف فوضعه بين يديه فلما صار المأمون إلى رحله دعا بالطعام فلما وضع بين يديه أمر برفعه وقال والله ما أسيغه حتى أناظر خصمي، يا عجيف علي بصاحب الكفن قال: فلما جلس بين يديه قال: هيه يا صاحب الكفن ماذا قلت؟ قال: لا أرى السلام عليك لإفسادك الغزاة علينا. قال: بماذا أفسدتها؟ قال بإطلاقك الخمور تباع في عسكرك وقد حرمها الله عز وجل في كتابه فابدأ بعسكرك فنظفه ثم اقصد العدو. بماذا استحللت أن تبيح شيئا قد حرمه الله كهيئة ما أحل الله عز وجل قال: أو عرفت أن الخمر تباع ظاهرا أم رأيتها؟ قال: لو لم أرها وتصح عندي ما وقفت هذا الموقف قال: فشيء سوى الخمر أنكرتها؟ قال: نعم إظهارك الجواري في العماريات وكشفهن الشعور منهن بين أيدينا كأنهن فلق الأقمار. خرج الرجل منا يريد أن يهراق دمه في سبيل الله ويعتقر جواده قاصدا نحو العدو فإذا نظر إليهن أفسدن [عليه] دينه فركن إلى الدنيا وانصاع إليها فلم استحللت ذلك؟ قال: ما استحللت ذلك وسأجيبك بالعذر فيه، فإن كان صوابا وإلا رجعت ثم قال: فشيء غير هذا أنكرته قال: نعم شيئا أمرت به تنهانا عن الأمر بالمعروف قال: أما الذي تأمر بالمنكر فإني أنهاه وأما الذي تأمر بالمعروف فإني أحبه على ذلك وأحدوه عليه، ثم قال: أفشي سوى ذلك قال: لا
صفحة ٢٢٥