ورب مسلط على نفسه، وبعثت بكتابه هذا [إلي] ترغب في بيان شبهاته، لما رجوت من تنبيه من أشكل ذلك عليه، ولرغبة أهل تلك الناحية وغيرهم في ذلك.
وإنه لحبيب إلي تأييدك فيما أملت، وعونك على ما إليه من الخير قصدت، ومع ذلك فإنه يهون علينا ترك المعارضة لمن أوقف نفسه موقف هذا الرجل من تسامحه في منطقه، وسوء ثنائه على أئمته، وشدة تقصيره في العلم، وقلة تحريه فيه.
ولو تكلف الناس أن يكتبوا قول كل ناعق فينقضوه، ويتتبعوا خواطر كل متكلف فيعارضوه، لطال هذا وأشغل عن ما هو أولى منه، ولولا ما ذكرتَ من كثرة من افتتن به من الضعفاء ما استجزت مناقضته، والله المستعان.
ولقد أثر من ابتـ[ـدع في] الأمة الكلام في الدين على الحمية والضغن أثر فتنة، فصارت زلة متبعة، عاقبتها لمن اتبعها الفرقة بالحمية بعد الألفة بالنصيحة، وضغن العداوة بعد ظفر الولاية، وأهل السنة لا يتخلقون بهذا الخلق في عامتهم فضلا عن أئمتهم، وهذا خلق الخوارج.
ولقد تقدم -رحمكم الله- من بيان المتقدمين ما فيه كفاية لمن بعدهم.
ولكني تحملت ذلك لكم، لقلة ما بأيدي أهل ناحيتكم من كلام أصحابنا على الأصول ومسائل الخلاف، ولما رجوت أن ينتفع به من لم يسبق إليه الكلام على أصول أصحابنا، فتشكل عليه الفروع.
وقد حكيت كلام هذا الرجل، مقتصرا على إيعاب معانيه، وإن اختصرت بعض لفظه كراهية التطويل، وبدأت بمناقضته فيما قدم قبل المسائل من جمل، تضمنت غير
1 / 253
شيء من خلاف أصولنا، والطعن على أئتمتنا، وفصلت [] أنا [] خبر [] تأملت هذا [] من قوله، [] مخالف لظاهر [] ممن اتبعه.
مالك من الصحابة والتابعين.
وهذا وهذه الكلمة منه بخلافها من غيره، لأنه يرى أن ما تعلق هو به من ظاهر القرآن والسنة لا يحتمل غير قوله.
فتأمل ما سترت الحمية عنه، أنه جعل من قال بخلافه من السلف قد خالف ظاهر القرآن بما لا يحتمل إلا مخالفة القرآن؛ لأن ذلك الظاهر -عنده- لا يحتمل غير الوجه الذي ذهب إليه.
1 / 254
والشافعي وغيره من المختلفين يرون أن الظاهر محتمل لقول المختلفين، إلا أن كل واحد يرى أن ما تبين له من الاحتمال أشبه وأولى.
فتأملوا مبلغ ما تنتهي إليه هذه الكلمة منه دون [] علينا وما علمت من العلماء من نسب من خالفه منهم أنه خالف ظاهر نص من الكتاب غير محتمل لقوله، وهذا لا يجوز أن ينسب إلى العامة فضلا عن الأئمة.
وإنما اختلف الناس في ما ظاهره من الكتاب والسنة يحتمل ما ذهب إليه المختلفون، فكل واحد يرى أن تأويله في الاحتمال أولى وأكثر أدلة، ومن عد كلامه من عمله لم يطلق مثل هذا في أئمة الدين.
ثم رأيته ترجم كتابه بكتاب "التنبيه والبيان عن مسائل اختلف فيها مالك والشافعي"، وتلك المسائل كثير منها مما يقول الشافعي فيها بقول مالك، وهذا مما سترته عنه الحمية أو لم يدر ما اتفق فيه الرجلان، ثم تكلف النقض على الأئمة والاختيار من أقاويلهم.
ثم رأيته [بدأ] في كتابه بتشريف الشافعي ومدح طريقته ومذاهبه، ما وهم أنه يتبع مذاهبه ويتقلد أقاويله، وهو كثير الخلاف له في الأصول فضلا عن الفروع، وفي غير مسألة مما في كتابه هذا الذي ترجمه بنصر مذاهب [الشافعي تجده] يرد أشياء هي قول
1 / 255
الشافعي معنا، فكأنه [] في قول لا يراه صوابا، ولا يعتقده مذهبًا [] ولا في [ما ألفه يتجاسر] ورأيته فيما [] [] و[] في مالك [] من التقصير الشديد، [] بالشافعي [] ذلك إليه في مثل ذلك القول أو يعيبه عليه، وهذا حيف شديد وميل بعيد وقول بالهوي وغير العدل.
ولقد تجاسر هذا الرجل في مثل هذا الإمام، وتحمل منه ثقلا باء بوزره، ولقد سلك سبيلا لم يسلكها من انتسب في المذهب إليه.
ولقد قصد داود بالرد أهل الرأي، ولم يقصد إلى مثل مالك في تمامه وإمامته برد في كتابه ألفه، ولقد أعاب محمد بن داود على الشافعي قصده بتأليف الرد على مثل مالك في إمامته، ثم ما علمته قصد مالكا بتأليف كتاب عليه، وقصد بمثل ذلك الشافعي.
1 / 256
فهان عليك أيها الرجل ما لم يهن على من سبقك إلى ما تقلدته من المذهب، فلا بنفسك ارعويت، ولا بمن ارتضيت مذهبه اقتديت.
فصل آخر
وبدأ هذا الرجل في خطبته بما كثر فيه، وأخلاه من المعاني التي لها ألف كتابه، وكأنه فيما ضمن ما ابتدأ به كتابه رجل يرد على [المعاندين] في الإسلام، وكان أولى به أن يضمن في مقدمته ما [تكلفه] مما قصد إليه من الكلام على الأحكام.
وذكر أن في الكتاب والسنة بيان كل دقيقة وجليلة، وأن الخلق لم يوكلوا إلى
1 / 257
آرائهم.
فإنا لنعلم أن في كتاب الله وسنة نبيه أمورًا محكمة وأمورًا محتملة لغير وجه من التأويل، أبيح للعلماء أن يجتهدوا في طلب أولى الاحتمالات، وقد أبقى الله
1 / 258
لعباده حكما في الحوادث التي لا نص فيه أن ترد بحكمهم إلى ما يشبهها [من] المذكور.
وكأنه أشار بهذه الجملة إلى نفي القياس الذي يأبى اسمه
1 / 259
و[ينفي] معناه، وقد حكم الصحابة والسلف أجمع برد الحوادث إلى ما يشبهها من الأصول، [فحكموا] [للجدة بالإرث] وللعمات
1 / 260
[والخالات] [] بالتيمم [بغير نص]، [وحكموا في حد] الخمر بغير نص، وشبهوه بحد القذف، وأول من شبهه به علي بن أبي طالب عند مشورة عمر للصحابة، فرأوا ذلك من تشبيه علي ﵀ صوابا، واجتمع ملؤهم عليه. وحكموا في أمهات الأولاد بغير نص،
1 / 261
وفي ميراث الجد وفي كثير مما أجمعوا عليه، فقالوا فيه بالتشبيه لما ذكر، واختلفوا في القول، وهم مع اختلافهم يعلمون أنه لا نص فيما اختلفوا فيه، أعني نصا لا يحتمل غير وجه واحد، ومن قال: إنهم يختلفون فيما لا يحتمل غير وجه واحد، فقد أزرى بهم.
وإذا كان لله في الحادثات حكم، -وقد أمرنا عند التنازع بالرد إلى كتاب الله وسنة نبيه ﷺ– فلا بد من أحد قولين، إما أن نقول: إن كل حادثة يختلف فيها عليها نص أو لا نص فيها، فإن قلت: عليها نص، رميت الأمة أنها تتنازع في النص -وقد عصمها الله من ذلك،- وإن قلت: لا نص فيها، لم يبق إلا أنها مردودة إلى ما يشبهها من النص، أو تقول: لا حكم لله في الحادثة، وهذا خلاف الآية، لأن الله تعالى لم يأمر عباده –عند التنازع– بالرد إلى كتابه وسنة نبيه ﷺ إلا وفيهما دليل على الحكم في كل حادثة.
1 / 262
وربما لجأ قائل هذا القول في بعض ما حكموا فيه من الحوادث بغير نص أن يقول هذا إجماع، قلنا: فإما أن تقول: إنهم أجمعوا على شرع دين لا أصل [لحكمهم عليه]، [أو تقول: إنهم ردوا] ذلك إلى شبهه من الأصول، فترجع عن قولك، [فإن قلت: إن الذي أجمعوا على] الحكم به من الحوادث توقيف، قيل: هذا يبعد، [لأنه لو وقع لاشتهر] ونقل كما نقل ما هو أقل من ذلك، ولذكروا ذلـ[ـك] [ولم يتركوه للمشاورة] والتناظر، ولم يسعهم اختلاف، والاجتهاد [] هذا لا يقوله من يتحفظ فيما يقول، وهذا [] والاشتهار ما لا يذكره [منهم] أحد بإغماض ولا رد.
[وهم يتنا] ظرون، ويرجع بعضهم إلى بعض، ويختلفون قبل رجوعهم ويجمعون، أو يقيمون على الاختلاف، وشهرة هذا منهم توجب أن دافعه مكابر.
ويلزمه أن يقول في مثل ذلك: قال الله أو رسوله، ولا يحتج بأنه إجماع، فتزول
1 / 263
فائدة الحجة بالإجماع عند الحوادث، وعمر يقول للجدة للأب: ما أنا بزائد في الفرائض، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك، ثم جعل لها، وحكم لها بذلك بعد
1 / 264
التشاور، فانتهى الأمر فيها إلى أن أجمعوا على توريثها بعد علمهم، وقولهم: إن الخبر في غيرها، فظهر منهم – عند الحادثة – ما كان عندهم فيه من خبر فذكروه، وبينوا ما حكموا فيه بالتشبيه لما فيه الخبر، وهذا كثرته تغني عن تقصيه.
وهذا والإجماع وصورته تُبعد على متعاطي قول هذا القائل أصلَه فيه، لأنه لا إجماع عنده حتى لا يبقى أحد من الصحابة، ثم إن صمت واحد منهم لم يعد إجماعا، فأين يوجد في شيء حكاية القول عن كل قائل.
1 / 265
ومنهم من يقول: إذا اختلف الصحابة ثم أجمعوا لم يعده إجماعا، ولكل من بعدهم خلاف ذلك، وهذا من ورائه ما لا خفاء به، وحكايته تنوب عن الاعتلال عليه [ولنا عود] إلى الكلام في إثبات القياس سنطيل فيه، ولكن ذكرنا [منه جملة من] المعنى الذي رمى به هذا الرجل من أصله فيه.
والشافعي معنا يقول [بالقيا] س كقول العلماء من الماضين والباقين، فكان أولى بهذا الرجل أن يطالب الشافعي ومالكا وغيرهما في هذا الأصل الجليل الذي [تنبني عليه القواعد] العظيمة من الأحكام، والحلال والحرام وما أولى [بك من تقديم] الكلام على الأصل الذي فرق بيننا وبينك وبين الشافعي [في كثير من العلم و] نحن [لا يشكـ]ـل بنا العجز عن جوابك في مسائلك، فإن حكمنا أن نناظرك في
1 / 266
الفروع لما ذكرنا، وليس لك علينا ولا على الشافعي درك في فروع قلنا فيه بالقياس على أصل، وإنما لك الكلام في الأصل الذي هو القياس الذي فرق بيننا وبينك وبين الشافعي في كثير من العلم.
وإن كنت أفصحت بخلافك لنا، وكتمت عن خلافك في ذلك للشافعي، من كتابك هذا الذي أظهرت فيه الانتصار للشافعي، كأنك داجيب أصحابه وسالمت متبعيه في ذلك، وهذا من اللعب، لأنك أظهرت حمية على من خالفت في مثل ما خالفت فيه من سالمت وهذا من شهوات النفوس.
1 / 267
وفصل آخر
ثم أخذ يحتج في إبطال اقتداء الناس بعلمائهم، وقبولهم، ما أفتوهم به، بقول الله سبحانه ﷿: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله﴾ في مثل هذا من الآتي، وأن الرسول ﵇ قال لحذيفة: إنهم أحلوا لهم الحرام فاستحلوه، وحرموا عليهم الحلال فحرموه.
وهذه عظيمة، ما ظننت أن يتجاسر عليها متجاسر، وكيف يحتج بآية نزلت في قوم من بني إسرائيل بدلوا كتاب الله عنادا وكذبا، ليشتروا به ثمنا قليلا، وقالوا فيما غيروه: إنه من عند الله، وما هو من عند الله افتراء على الله الكذب.
فأين تذهب بك المذاهب في تشبيهك لهؤلاء بالأئمة المأمونين على الكتاب والسنة الذين تشهد الأمة أنهم لم يخونوا الله في دينه ولا رسوله، بل هم المأمورون بالاجتهاد، القاصدون للحق والمأجورون إذا أفتوا على اجتهادهم، الذي قصدوا به وجه الله وما أعلم بالأمة من يجعل ما ضربه هذا الرجل لهم مثلا من القصد إلى مخالفة الله ورسوله خيانة وعنادا إلا حاقن عليهم باللسان، وكل قول خرج عن غضب وحمية تعظم عاقبة الزلل فيه، أعوذ بالله من الطعن على الأئمة.
ولا يعدو أن يكون من أشرت إليه من علماء الأئمة نزلوا عندك في رتبة هؤلاء الذين خانوا في كتابه، وحرموا حلاله وأحلوا حرامه، قاصدين لذلك، جرأة على الله وردا لأمره، أو هم بضد ذلك كله، وفي موضع الثناء فيهم خلاف ذلك، فإن ساويتهم
1 / 268
بهم خرجت إلى تكفير الأئمة وتضليلهم، وإن لم يكونوا كإياهم فقد احتججت بغير حجة ومثلت بغير مثال.
وما هذه الحمية التي غيبتك حتى قرنتهم في التشبيه بالمعاندين للحق، وهم في حلية الراغبين فيه، وبالمذمومين وهم الممدوحون المأمورون أن يقولوا بالاجتهاد وبالآثمين الضالين وهم المحمودون المأجورون، ولا ادري ما عذرك فيما تخطيت إليه من هذا.
ثم شفع ذلك بقريب منه، فقال: فهمت الذي ذكرتم مما من الله به عليكم وعلى أهل الحديث غيركم بالشافعي، إذا انتاشكم وإياهم من أيدي الهلكة، وبيَّن لكم تمويه وخرق المبطلين.
فليت شعري من عني بقوله: المبطلين والهالكين؟ أمالكا يعني وأشكاله من أئمة هذا الدين؟ أم أهل الأهواء والخوارج الضالين فإن الشافعي لم يتكلم على أحد من أهل الأهواء بشيء، فيمدحه بذلك، وهذا مما حمد للشافعي، لسلوكه في ذلك سبيل متقدمي السلف، وإنما تكلم في الحلال والحرام.
وما يرضي من له ديانة وتحت منطقه وقلبه خشية أن يقول في أئمة الفقه والحديث ومن نحا نحوهم: إنهم مبطلون وإنهم بسبيل هلكة، وهم خيار أعصارهم، ومالك وأهل عصره من القرون الممدوحة.
1 / 269
ومالك الذي قصد هذا الرجل إليه من شهد له التابعون [بالصدق] والأمانة، ورووا عنه واستفتوه، ولقد استفتاه زيد بن أسلم في مسألة من دينه وانتهى إلى قوله.
وأما أهل طبقته ونظراؤهم ومن دونهم، فلا حاجة بنا إلى ذكر ذلك، وقد تأول فيه سفيان بن عيينه أنه عالم المدينة الذي بشر به الرسول ﵇، وقال سفيان: كانوا يرونه مالكا، قال عبد الرحمن بن مهدي: يعني من أدرك وقد أدرك التابعين، وتأويل ذلك فيه ابن مهدي وعبد الملك بن جريج ووكيع وكثير يكثر عددهم، قال يحي بن سعيد: مالك أثبت القوم، وهذا فيه يكثر ذكره.
وقد رضيته الأمة إماما في الحديث والفقه في دين الله، وقد قال الشافعي: إنه النجم في الآثار وأمير المؤمنين في السنن، وقاله فيه أئمة الحديث ومخالفوه من أصحاب
1 / 270
أبي حنيفة.
ولو تكلم بما أشرت إليه في مالك رجل يتهم ساعته، أو حديث عهد بكفر من دار حرب؛ ما عذر في جهله بفضل هذا الرجل الذي امتلأت الأرض بفضله؛ وشهدت الخاصة والعامة بإمامته، وعظم قدره في الدين والإسلام والفقه والحديث على ألسنة الأخيار.
وما أدري على أي وجه من التأويل يُصرف أمر الناطق بهذا، وأي عذر يعتذر به في نفي ما قرب نفسه إليه من الريبة.
وبعد فإن الشافعي رضي لنفسه ولأصحابه بالقياس، واحتج على من نفاه، واستعمل الأحاديث فيها، فأخرج كثيرا منها عن الظاهر إلى المعاني، فإن كان هذا هو طريق الهلكة وقول المبطلين فهذا مذهب من أظهرت نصرته، فإما أن تدع كل ما خالفت فيه الشافعي، وتدخله فيما جعلته هلكة وإبطالا، وهذا [] [وإما أن تقبل ما وا] فقك فيه، فتجعل خلافه ذلك هلكة و[إبطالا، وما خالف] فيه غيرك لم يلحق عندك فيه بأهل الهلكة والباطل، وهذا تلاعب ودين الله ليس من ذلك.
فصل آخر
ثم قال: والشافعي رحمة لأهل الحديث ونعمة من الله عليهم، إذ إلى الله ورسوله دعاهم، وعن تقليد من لا يجب تقليده نهاهم، وعلى التمسك بكتاب الله وسنة نبيه
1 / 271
حضهم، وقد كانت الفرق بأجمعها كادت الحديث حتى قُذفت بشهابها ودُمِغت بحجرها.
فنحن نسأله: من يعني من أهل الحديث الذي صار لهم رحمة، وجدد لهم على يديه هذه الدعوة إلى الله والرسول حتى أجابوا؟
فإن عني أهل عصر الشافعي ممن فوق طبقته منهم، كمالك والأوزاعي وابن جريج والسفيانين والحمادين وشعبة ونحوهم، أو من تحت هؤلاء، كيحيى بن سعيد القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل ووكيع وأسد بن موسى وابن وهب والقعنبي والحميدي وضربائهم، ممن يكثر ذكره فهذا إن ادعاه من اللعب وقبيح الكذب، ولقد مدح الشافعي بما نقصه به لوو شعر، وطعن عليه بما لم يبلغه عليه من الطعن أحد، إذ نسبه إلى أنه الذي دعا أئمة الحديث والمتمسكين بالسنن والآثار في أعصارهم - من طبقته أو فوق طبقته - إلى الله ورسوله، وإلى اتباع الحديث، حتى رحموا بدعوته، وأنهم عليهم بإجابته.
أفكانوا يخالفون الحديث فردهم إليه، واجتمعوا على الجهل بمخارجه فققههم فيه، أو لم يكونوا بالسنن متمسكين أو عن شيء منها راغبين، وهم رؤساء أعصارهم في التمسك بالسنن والقيام بها.
ومالك رأس الناس في زمانه في الرواية والحفظ والفقه وتهذيب الآثار، قال أحمد بن حنبل: مالك [إمام يسكن] إلى حديثه وإلى فتياه: مذهبه الآثارـ[شديد]
1 / 272