157

دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة

تصانيف

فهذا ابن عباس ﵁ يخبر أن ذلك الأمر الذي كان من رسول الله ﷺ بالغسل لم يكن للوجوب عليهم، وإنما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل (١)، وهو أحد من روى عنه رسول الله ﷺ أنه كان يأمر بالغسل وقد روي عن عائشة ﵂ في ذلك شيء. ثم ذكر ما يدل على ذلك عن عائشة ﵂ بسنده قالت: كان الناس عمال أنفسهم فيروحون بهيئاتهم فقال ﷺ: "لو اغتسلتم". فهذه عائشة ﵂ تخبر بأن رسول الله ﷺ إنما كان ندبهم إلى الغسل، للعلة التي أخبر بها ابن عباس ﵄ وأنه لم يجعل ذلك عليهم حتما، وهي أحد من روينا عنها أن رسول الله ﷺ كان يأمر بالغسل في ذلك اليوم. ثم أورد عن عمر بن الخطاب –﵁ ما يدل على أن ذلك لم يقع عنده موقع الفرض. ثم ذكر بسنده ما تقدم من خطبة عمر بألفاظ متعددة متقاربة، ثم قال:"ففي هذه الآثار غير معنى ينفي وجوب الغسل. أما أحدهما فإن عثمان لم يغتسل واكتفى بالوضوء، وقد قال عمر: قد علمت أن رسول الله ﷺ كان يأمرنا بالغسل. ولم يأمره عمر أيضا بالرجوع لأمر رسول الله ﷺ إياه بالغسل. ففي ذلك دليل على أن الغسل الذي كان أمر به لم يكن –عندهما- على الوجوب، وإنما كان لعلة ما قال ابن عباس ﵄ وعائشة ﵂ أو لغير ذلك.

(١) قال ابن حجر معلقًا على قول الطحاوي"وهذا من الطحاوي يقتضي سقوط الغسل أصلًا، فلا يعد فرضًا ولا مندوبًا لقوله: زالت العلة..إلخ، فيكون مذهبًا ثالثًا في المسألة. ا.هـ، ولا يلزم من زوال العلة تعبدًا، ولا سيما مع احتمال وجود العلة المذكورة. ثم إن هذه الأحاديث لو سلمت لما دلت إلا على نفس اشتراط الغسل لا على الوجوب المجرد. فتح الباري ٢/٣٦٣.

1 / 157