ثم ذكر ما يدل على النسخ أيضًا فروى بسنده عن سعيد بن المسيب قال: قال رجال من الأنصار يفتون أن الرجل إذا جامع المرأة ولم ينزل فلا غسل عليه، وكان المهاجرون لا يتابعونهم على ذلك.
قال:" فهذا يدل على نسخ ذلك أيضا لأن عثمان والزبير هما من المهاجرين، وقد سمعا من رسول الله ﷺ ما قد روينا عنهما في أول هذا الباب ثم قد قالا بخلاف ذلك، فلا يجوز ذلك منهما إلا وقد ثبت النسخ عندهما.
ثم قد كشف ذلك عمر بن الخطاب ﵁ بحضرة أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار، فلم يثبت ذلك عنده، فحمل الناس على غيره، وأمرهم بالغسل، ولم يعترض عليه في ذلك أحد وسلموا ذلك له؛ فذلك دليل على رجوعهم أيضا إلى قوله.
وذكر بسنده حديث عمر، قال عبيد بن رفاعة الأنصاري: كنا في مجلس فيه زيد بن ثابت فتذاكرنا الغسل من الإنزال، فقال زيد: ما على أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة. فقام رجل من أهل المجلس، فأتى عمر فأخبره بذلك. فقال عمر للرجل: اذهب أنت بنفسك فائتني به حتى تكون أنت الشاهد عليه. فذهب فجاء به، وعند عمر ناس من أصحاب رسول الله ﷺ فيهم علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل ﵄، فقال عمر أنت عدو نفسك تفتي الناس بهذا؟! فقال زيد: أما والله ما ابتدعته، ولكني سمعته من عماي رفاعة بن رافع ومن أبي أيوب الأنصاري. فقال عمر لمن عنده من أصحاب النبي ﷺ: ما تقولون؟ فاختلفوا عليه، فقال عمر: يا عباد الله، فمن أسأل بعدكم وأنتم أهل بدر الأخيار؟ فقال له علي بن أبي طالب: فأرسل إلى أزواج النبي ﷺ فإنه إن كان شيء من ذلك ظهرت عليه.
1 / 149