أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٧ هـ
سنة النشر
٢٠٠٦ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ورام أن يردها إلى مبلغ نظره؛ فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضًا،
وتقحم في الفتوى بلا علم؛ فهو أشد عمى، وأضل سبيلًا ".
فهذا الحق ليس به خفاءُ ... فدعني عن بُنَيّات الطريقِ
٤- ثم إن هناك وهمًا شائعًا عند بعض المقلدين، يصدهم عن اتباع السنة،
التي تبين لهم أن المذاهب على خلافها، وهر ظنهم أن اتباع السنة يستلزم
تخطئة صاحب المذهب، والتخطئة معناها عندهم: الطعن في الإمام، ولما كان
الطعن في فرد من أفراد المسلمين لا يجوز؛ فكيف في إمام من أئمتهم؟!
والجواب: أن هذا المعنى باطل؛ وسببه الانصراف عن التفقه في السنة،
وإلا؛ فكيف يقول ذلك المعنى مسلم عاقل؟! ورسول الله ﷺ هو القائل:
" إذا حكم الحاكم، فاجتهد، فأصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد،
فأخطأ؛ فله أجر واحد " (١) .
فهذا الحديث يرد ذلك المعنى، ويبين بوضوح لا غموض فيه أن قول
القائل: (أخطأ فلان) معناه في الشرع: (أثيب فلان أجرًا واحدًا)، فإذا كان
مأجورًا في رأي من خطأه؛ فكيف يتوهم من تخطئته إياه الطعن فيه؟! لا شك
أن هذا التوهم أمر باطل، يجب على كل من قام به أن يرجع عنه، وإلا؛ فهو
الذي يطعن في المسلمين، وليس في فرد عادي منهم، بل في كبار أئمتهم؛
من الصحابة، والتابعين، ومَن بعدهم مِن الأئمة المجتهدين وغيرهم، فإننا
نعلم يقينًا أن هؤلاء الأجلَّة كان يخَطِّئ بعضهم بعضًا، ويرد بعضهم على
بعض (٢)، أفيقول عاقل: إن بعضهم كان يطعن في بعض. بل لقد صح أن
_________
(١) [رواه] البخاري، ومسلم.
(٢) انظر كلام الإمام المزني المتقدم آنفًا (ص ٤٢)، وكلام الحافظ ابن رجب المتقدم
(ص ٣٣ - ٣٤) .
1 / 50