أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

ناصر الدين الألباني ت. 1420 هجري
39

أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

الناشر

مكتبة المعارف للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٧ هـ

سنة النشر

٢٠٠٦ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

٢- وقال آخرون: " إذا كان الاختلاف في الدين منهيًّا عنه؛ فماذا تقولون في اختلاف الصحابة، والأئمة من بعدهم؟ وهل ثمة فرق بين اختلافهم، واختلاف غيرهم من المتأخرين؟ ". فالجواب: نعم؛ هناك فرق كبير بين الاختلافين، ويظهر ذلك في شيئين: الأول: سببه. والآخر: أثره. فأما اختلاف الصحابة؛ فإنما كان عن ضرورة واختلاف طبيعي منهم في الفهم؛ لا اختيارًا منهم للخلاف، يضاف إلى ذلك أمور أخرى كانت في زمنهم، استلزمت اختلافهم، ثم زالت من بعدهم (١)، ومثل هذا الاختلاف لا يمكن الخلاص منه كليًّا، ولا يلحق أهلَه الذمُّ الواردُ في الآيات السابقة، وما في معناها؛ لعدم تحقق شرط المؤاخذة، وهو القصد، أو الإصرار عليه. وأما الاختلاف القائم بين المقلدة؛ فلا عذر لهم فيه غالبًا؛ فإن بعضهم قد تتبين له الحجة من الكتاب والسنة، وأنها تؤيد المذهب الآخر الذي لا يتمذهب به عادة، فيدعها لا لشيء؛ إلا لأنها خلاف مذهبه، فكأن المذهب عنده هو الأصل، أو هو الدين الذي جاء به محمد ﷺ، والمذهب الآخر هو دين آخر منسوخ! وآخرون منهم على النقيض من ذلك؛ فإنهم يرون هذه المذاهب - على ما بينها من اختلاف واسع - كشرائع متعددة؛ كما صرح بذلك بعض

(١) راجع " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم، و" حجة الله البالغة " للدهلوي، أو رسالته الخاصة بهذا البحث " عِقد الجِيد في أحكام الاجتهاد والتقليد ".

1 / 40