دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث

محمد أبو شهبة ت. 1403 هجري
137

دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث

الناشر

مجمع البحوث الإسلامية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

[د] وأما ما ذكره من أن ابن مسعود أنكر عليه قوله: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وقال فيه قَوْلًا شَدِيدًا. فالجواب عليه نقول: ١ - نص الحديث كما في " منتقى الأخبار " (١) عن أبي هريرة ﵁ عن النَّبِي ﷺ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» قال: رواه الخمسة، ولم يذكر ابن ماجه الوضوء، ورواه الترمذي بسنده عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: «مِنْ غُسْلِهِ الغُسْلُ، وَمِنْ حَمْلِهِ الوُضُوءُ» يعني الميت قال: وفي الباب عن علي وعائشة قال أبو عيسى: حديث حسن، فالحديث خَرَّجَهُ غير واحد من أئمة الحديث، كما أنه لم ينفرد به أبو هريرة، مِمَّا ينفي التهمة عنه، وقد صَحَّحَ ابن أبي حاتم عن أبيه أن وقفه على أبي هريرة أصح، وسواء أكان الحديث مرفوعًا أو موقوفًا فلم يذكر أحد من المُخَرِّجِينَ له إنكار ابن مسعود ولا غيره من الصحابة عليه، نعم ذكر صاحب " مسلم الثبوت " الحديث بلفظ: «مَنْ حَمَلَ جَنَازَةً فَلْيَتَوَضَّأْ» وأن ابن عباس لم يأخذ به وقال: «لاَ يَلْزَمُنَا الوُضُوءُ مِنْ حَمْلِ عِيدَانٍ يَابِسَةٍ» وكتب الأصول لا يعتمد عليها في ثبوت الأحاديث والروايات. ٢ - إن الأدلة قد تعارضت في هذا الباب، فبينما نجد الترمذي وغيره من الأئمة روى هذا الحديث عن أبي هريرة وغيره من الصحابة نجد البخاري يخرج في " صحيحه " تعليقًا عن ابن عمر يخالفه فيقول: «وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَلَهُ، وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» فمن ثم اختلف الصحابة ومن جاء بعدهم من العلماء في هذا، قال الإمام أبو عيسى الترمذي: «وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي الَّذِي يُغَسِّلُ المَيِّتَ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَغَيْرِهِمْ: " إِذَا غَسَّلَ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ الغُسْلُ "، وقَالَ بَعْضُهُمْ: " عَلَيْهِ الوُضُوءُ "، وقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: " أَسْتَحِبُّ الغُسْلَ مِنْ غُسْلِ المَيِّتِ، وَلاَ أَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا "، [وَهَكَذَا]

(١) باب غسل الميت: ١/ ١٨٠. طبعة عبد الرحمن محمد.

1 / 136