292

دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

الناشر

مکتبة دار المنهاج

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٥ م

مكان النشر

للنشر والتوزيع - الملكة العربية السعودية الرياض

تصانيف

المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث لطم موسى ﵇ لملك الموت
أحال هذا الحديث فئامٌ من الخلق من المتقدمين والمتأخرين، صَعُب عليهم دَرك مَراميه، واعتلُّوا بجُملةٍ من المعارضات التي لا تنهض إلى ردِّ الحديث، وهي كالتَّالي:
الأوَّل: كيف استطاع موسى ﵇، وهو بَشَرٌ أن يُبصر ملك الموت، وأَن يفقأ عينه، والملكُ ليس بجسمٍ كثيفٍ حتى يتسنَّى لموسى ﵇ أن يبصرَه؛ فضلًا أَن يفقأ عينه؟
الثاني: أنَّ في فعل موسى مع الملك وشكاية الملك له = إخلالًا بما يليق من الأدب مع الله؛ إذ كيف جاز لموسى ﵇ إهانة رسوله الملكي من غير نصرة من الله له (^١)
الثالث: أنَّ في فعل موسى ﵇ منافاة لجناب النبوة، ورتبة الرِّسالة من جهات:
الأولى: أنَّ في فقئه لعين الملك مراغمة لمُرْسله وهو الله تعالى، إذ لو فقأ أَحدنا عين واحدٍ من النَّاسِ لَعُدَّ ذلك استطالةً، وبغيًا، وفسقًا =فكيف حال من فقأ عين ملك مقرب؟ لا ريب أنَّ فسقه أعظم وأبين.
الجهة الثانية: أَنَّه مُنافٍ لما ينبغي أن يكون عليه عباد الله الصالحون من عظيم الرَّغبة والشوقِ للقاءِ الله؛ فضلًا عن خاصة عباد الله وهم "رسل الله" الَّذين هم مَحلُّ الاقتداءِ فـ: (مالذي يكرهه موسى من

(^١) انظر: "توضيح طرق الرشاد" للقاضي محمد العلوي (١٩٧)

1 / 304